نص المحاضرة الرمضانية السادسة عشرة لقائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي
بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ ربِ العالمين، وأشهدُ أنَّ لا إلهَ إلا اللهُ الملكُ الحقُ المبينُ، وأشهدُ أنَّ سيدَنا محمداً عبدُه ورسولُه خاتمُ النبيين.
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد، كما صلَّيتَ وباركت على إبراهيم وعلى آلِ إبراهيم إنك حميدٌ مجيد.
وارض اللهم بِرضاكَ عن أصحابِه الأخيارِ المُنتجبين وعن سائرِ عِبادِك الصالحين.
أيها الأخوةُ والأخوات، السلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاته..
وتقبّلَ اللهُ مِنّا ومِنكم الصيامَ والقيامَ وصالحَ الأعمالِ، اللهم اهدنا وتقبل منّا إنكَ أنتَ السميعُ العليم، وتُب علينا إنك أنت التوابُ الرحيم.
قبلَ أن نتحدثَ في إطارِ موضوع الدَرْس، يهمُّنا أن نتحدثَ عن ما تداولته وتناولته وسائلُ إعلامِ الأعداء، في المقدمةِ النظامُ السعودي الظالمُ بالأمسِ مِن افتراءٍ وبُهتانٍ عظيمٍ وكذبٍ فظيع، وإدعاءٍ شنيعٍ على شعبِنا العزيز، على يمنِ الإيمانِ والحِكمةِ بالاستهدافِ لمكةِ المكرمة، هذه المزاعمُ والافتراءاتُ وهذا البُهتانُ العظيمُ غيرُ غريبٍ على النظامِ السعودي وعلى إعلامِه، هو يعتمدُ أصلاً على الأكاذيبِ والادعاءاتِ والتبريراتِ الزائفةِ والكاذبة، ومِن غيرِ الغريبِ عليهِ أن يَبهتَ شعبَنا العزيزَ أن يَبْهتَ يَمنَ الإيمانِ والحكمةِ بهذا البُهتانِ العظيم، النظامُ السعودي المُجرمُ الذي أصبحَ له أسوأُ رصيدٍ وأسوأُ سُمعةٍ في العالمِ من الجرائم، وكذلك ما هو عليهِ وما عُرفَ بهِ من الاِدعاءاتِ الباطلةِ، يدّعي الأكاذيبَ ثم يتضحُ أنَّه يكذبُ ثم يعترفُ في كثيرٍ مِن الحالات بأكاذيبِه تلك، ويَجحدُ الحقائقَ ثم يعترفُ في ما بعدَ ذلك بحقائقَ كان قد سَبقَ مِنه أن يَجحدَها أو أن يُقدِّمَ لها تفسيراً آخرَ وصورةً مُختلفة، هذا غيرُ غريب.
نحنُ نقولُ، مصدرُ الخطرِ على المشاعرِ المُقدَّسةِ وعلى مَكةَ المكرَّمةَ وعلى المدينةِ المنورة، مصدرُ الخطرِ يتمثلُ في اتجاهين:
الأول: هو الأمريكي والإسرائيلي ومَن يُواليهم، هؤلاء يشكلون خطراً حقيقياً على المشاعرِ المقدَّسةِ للمسلمين، يشكلون خطراً حقيقياً ومؤكداً على مكةَ المكرمة، على بيتِ اللهِ الحرام، على المَسجدِ النبوي، على مَقامِ الرسول صلواتُ اللهِ عليه وعلى آلِه، هؤلاء هُم أعداءٌ بالفِعل، وهناك الدلائلُ الواضحةُ التي تُثبتُ ذلك.
ومصدرُ الخطرِ الآخرِ: الذي يتمثلُ أيضاً في الدواعشِ والتكفيريين، الذين يَعتبرون المشاعرَ المقدَّسةَ يعتبرونها معالمَ للشِرك، ولا يعترفون أصلاً بمسألةِ التقديسِ لبيوتِ اللهِ ولمعالمَ مِن معالمِ الإسلامِ في الأرض، يعتبرون كلَ هذا مِن الشِركِ، وعقيدتُهم في ذلك واضحة، ومواقفُهم واضحة، وفتاواهم واضحة، وتصرفاتُهم واضحة، وكلا هذين الاتجاهين تربطُ النظامَ السعودي بهما صلاتٌ وأواصرُ معروفةٌ، معروفةٌ علاقتُه بالأمريكي والإسرائيلي، هو يُحاولُ أن يكونَ أصلاً في مقدمةِ وأبرز مَن يوالي أمريكا ويكون له علاقةُ تطبيعٍ مع إسرائيل، وتبنيه للدواعش والتكفيريين، ودعمُه الهائلُ لهم أمرٌ معروفٌ جداً في العالمِ بكلِه.
أما يمنُ الإيمان، يمنُ الإيمانِ والحكمة فهو الذي يُؤمَّل مِنه أن يكونَ هو مَن يحمي المُقدَّساتِ في اليومِ الذي يُمكنُ أن تُباعَ، يُمكنُ أن تدخلَ تحتَ مُساوَماتٍ مِن قِبل النظامِ السعودي، يُمكنُ أن يتعاملَ بطريقةٍ مختلفةٍ تجاهَها، هو اليوم يستغلُها كدكانٍ للتجارةِ كبقَّالةٍ للتجارة، كمتجرٍ للاستفادةِ والاستغلالِ المادي وكعنوانٍ للخداعِ والتضليلِ والاستغلالِ السياسي، في يومٍ مِن الأيامِ يُمكنُ أن يتغيرَ كلُ ذلك، غيرُ بعيدٍ على النظامِ السعودي أن يفعلَ ذلك.
ولكن نحنُ نقولُ المُؤتمَنُ حقاً أن يكونَ له موقفٌ صادقٌ لحمايةِ المقدَّساتِ وأثبتَ اليومَ موقفَه تجاهَ مقدَّساتِ الأمَّةِ في فلسطين هو الشعبُ اليمني، هو يَمَنُ الإيمان، أمّا مَن يتآمرُ اليومَ على المَسجدِ الأقصى ومُقدَّساتِ الأمَّة في فلسطين، ويتآمرُ على الشعبِ الفلسطيني بوضوح، وهو شريكٌ أساسي في صفقةِ “ترامب”، وله دورٌ أساسيٌ في القمةِ التي ستُعقدُ في وقتٍ قريبٍ في “البحرين” فهو مَن ليس بمؤتمنٍ أصلاً على مَشاعرِ المسلمين وعلى مقدَّساتِهم، مَن تآمرَ على الأقصى أثبتَ أنَّه غيرُ مُؤتمَنٍ، أنَه غيرُ مُؤتمَنٍ أبداً على أي مُقدَّسٍ مِن مقدَّساتِ الأمة، قد تآمرَ على المَسجدِ الأقصى وهو مِن المقدَّساتِ فمُمكنٌ أن يتآمرَ على المَسجدِ الحرامِ كما تآمرَ على المَسجدِ الأقصى، في اللحظةِ التي يَرى أنه مطلوبٌ مِنه ذلك وأنَّه في الوقتِ الذي لا يبقى له خَيارٌ إلا ذلك، أيُ قيمةٍ عنده للمقدَّسات؟، فتوى بأنَّها من الشِركِ وصفقةٌ مع أي زعيمٍ أمريكي وتنتهي المسألة، ويُمكنُ أن يفعلَ أيَ شيئ.
فعلى كلٍ نحنُ نُؤكدُ أنَّ بُهتانَهم وادعاءَهم كاذبٌ لا أساسَ لهُ مِن الصِحة، ونحنُ واضحون في أهدافِنا وفي مَعركتِنا وفي ضَرَباتِنا كشعبٍ يمني ونُعلنُ عنها أولاً بأول وبكلِ وضوحٍ وبكلِ شجاعةٍ وبكلِ تَحدٍ، وضمنَ الضوابطِ الشرعيةِ بفضلِ اللهِ سبحانه وتعالى، وضمنَ الضوابطِ المبدئيةِ والأخلاقيةِ لهذا الشعبِ العزيز.
الآن نأتي إلى الحديثِ على ضوءِ الآيةِ المباركة يَقولُ اللهُ سبحانه وتعالى {وَلا تَقتُلُوا النَّفسَ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إِلّا بِالحَقِّ ۗ وَمَن قُتِلَ مَظلومًا فَقَد جَعَلنا لِوَلِيِّهِ سُلطانًا فَلا يُسرِف فِي القَتلِ ۖ إِنَّهُ كانَ مَنصورًا}(الإسراء ـ 33)، الآيةُ المباركةُ تتحدثُ عن حُرمةِ قَتلِ النفسِ البشريةِ التي حرَّمَ اللهُ أن تُقتَلَ وأن يُعتدَى عليها {إِلّا بِالحَقِّ}(الأنعام ـ 151)، الأصلُ هو الحُرْمةُ، الأصلُ هو الحُرْمةُ لهذه النفسِ البشرية، تحريمُ قَتلِها، أعطاها اللهُ عِصمةَ الحياة، عِصمةَ الدم، لا يجوزُ لأحدٍ أن يهتكَ هذه الحُرْمَةَ أبداً، والحالةُ الاستثنائيةُ في قولِه تعالى {إِلّا بِالحَقِّ}(الأنعام ـ151)، سنتحدثُ عنها إن شاءَ الله.
مِن أشنعِ الجرائمِ ومِن أكبرِ المآسي في الواقعِ البشري هو القتل، وهذه المأساةُ تَحدُثُ كثيراً في كثيرٍ من الأممِ والشعوبِ عبرَ الأجيال، وكانت بدايتُها كما وثَّقَها القرآنُ الكريمُ في قِصة ابْنَيْ آدَمَ، أولُ حادثةِ قتلٍ وأولُ جريمةِ قتلٍ في قِصة ابْنَيْ آدَمَ، وتحدثنا عنها في مُحاضراتٍ مُتعددة، ثم مِن بَعدِ ذلك استمرت في الواقعِ البشري وتَكثُرُ في بعضِ الأقوام، في بعضِ الأمم، في بعضِ الكياناتِ التي تتجردُ مِن الإنسانيةِ ومِن القِيم ومِن الأخلاقِ ومِن التعليماتِ الإلهية، والمأساةُ كبيرةٌ في الواقعِ البشري نتيجةً لهذهِ الجريمةِ التي هي أشنعُ جريمةٍ تُعاني مِنها البشرية، وبِسببِها صاحت الملائكةُ عندما أخبرَها اللهُ أنه سيستخلفُ البشرَ على الأرض {قَالُوا أَتَجعَلُ فيها مَن يُفسِدُ فيها وَيَسفِكُ الدِّماءَ}(البقرة ـ 30)، صاحت الملائكةُ مِن الإنسانِ مِن فَسادِه ومِن سَفكِه للدماء، في عصرِنا الراهن نلحظُ كم نُعاني كبشرٍ مِن جرّاءِ ارتكابِ هذه الجريمةِ مِن قِبَلِ كياناتٍ ودولٍ وجهاتٍ تمتلكُ قُدراتٍ للقتلِ الجَماعي والتدميرِ الهائلِ والسفكِ للدماءِ بشكلٍ كبير، بالذات كلَّما تطورت القدراتُ لدى البشرِ وامتلكَها الطُغاةُ والجائرون والظالمون كانت المأساةُ أكبر، ولأنَّهم يستهينون بالإنسانِ ويستبيحون قتلَ البشريةِ لأتفهِ الأسباب، لأتفهِ الأسبابِ أو للمطامعِ والأهواءِ والنزواتِ والرغبات، مِن أجلِ المناصبِ مِن أجلِ السلطةِ مِن أجلِ المالِ مِن أجلِ عَواملَ واعتباراتٍ كثيرةٍ يقتلُ البعض، وكم يَحصلُ في الواقعِ البشري مِن مَآسٍ، تحصلُ مآسٍ كبيرةٌ جداً، فاللهُ جلَّ شأنُه حرَّمَ قتلَ النفسِ البشريةِ، أعطاها حقَّ الحياة، أعطاها حقَ الحياةِ، والاعتداءُ على الإنسانِ في حياتِه يُعتَبرُ أكبرَ ظُلمٍ له لأنَّه يَفقِدُ كلَ شيئٍ إذا فَقدَ حياتَه في هذهِ الحياة، ومِن هذهِ الحياة، فتكونُ المأساةُ كبيرةً عليهِ وعلى أسرتِه، أقاربِه أصحابِه مُحيطِه الاجتماعي، يَمتدُ هذا الأثرُ في الواقع، وقد تَكبُرُ المأساةُ بِقدرِ أيضاً مَا للدورِ البشري أو لهذا الإنسانِ الذي تُنتَهكُ حُرمةُ حياتِه ويُسفَكُ دَمُهُ مِن أثرٍ ودورٍ في هذهِ الحياة، في مراحلَ في التاريخ قَتلَ البعضُ مِن الأقوامِ أنبياءَهم بغيِر حقٍ كما يُؤكدُ القرآنُ الكريمُ، في مراحلَ معينةٍ قُتل في الواقع البشري مع أعدادٍ هائلةٍ مِن البشرِ ظُلماً وعُدواناً.
وعلى كلٍ الحُرْمَةُ لقتلِ النفسِ البشريةِ أتى التأكيدُ عليها في القرآنِ الكريمِ وفي كُتبِ اللهِ السابقةِ لدرجةِ أنَّ اللهَ جلَّ شأنُه جَعلَ هذه الحُرمةَ مُشدَّدةً ومُؤكداً عليها بقولِه تعالى {مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا}(المائدة ـ 32).
عندما يترسَّخُ في الواقعِ العام، يترسَّخُ هذا المفهومُ ويُدرِكُ الجميعُ الخطورةَ الكبيرةَ على المستوى الإنساني والإيماني والديني لهذهِ الجريمة، هذا بِحدَّ ذاتِه سيمثلُ عاملاً مُهماً في الحدَّ مِنها في التخفيفِ مِنها في التقليلِ مِنها، الحالةُ الخطيرةُ في واقعِ الناسِ هي حالةُ اللامبالاةِ والاستهتارِ والتهاون، هذا التهاونُ الذي يدفعُ البعضَ للقتلِ لأبسطِ وأتفهِ الأشياء، أحياناً كلمةٌ أغضبَتْهُ مِن شخصٍ فاعتدى عليهِ وقَتلَهُ في مُقابِلِ كلمةٍ قالَها وكان بإمكانِه أن يبدلَ الكلمةَ بكلمةٍ أو يُقابلَ الكلمةَ بكلمةٍ أو الإساءةَ بإساءةٍ أو السبَّ بسَّبٍ أو غيرِ ذلك، أحياناً طَمَعٌ في شيئٍ تافهٍ قد يُؤدي بالبعضِ إلى ارتكابِ هذه الجريمةِ الشنيعةِ جداً، أحياناً خلافات يُمكنُ أن تُحّلَ تلك الخلافات عن طريقِ الشَرْعِ أو عن طريقِ الصُلح، فيلجأ البعضُ إلى القتلِ والقتالِ في أتفهِ الأمورِ، نزاعٌ على أرضية، نزاعٌ على شيئٍ ما مِن المُختلَفِ عليهِ بينَ الناس، وكم يَحصُلُ مما يؤثرُ حتى على السِلْمِ الاجتماعي، واللهُ أرادَ على مستوى الواقعِ البشري أن يكونَ واقعاً قائماً على الاستقرارِ والسِلم، ثم على مستوى الأمةِ الإسلاميةِ أن يكونَ الواقعُ الذي يَحكمُ الجميعَ هو الأخوةُ الإيمانية {إِنَّمَا المُؤمِنونَ إِخوَةٌ}(الحجرات ـ 10)، وأن تَعُمَّ حالةُ الاستقرارِ التي بِها تُعمَرُ الحياةُ وتترتبُ عليها آثارٌ إيجابيةٌ وصالحة، واللهُ جلَّ شأنُه عندما قال {إِلّا بِالحَقِّ}(الأنعام ـ 151)، يعني يَحرُمُ القتلُ إلا بالحق.
الحقُ الذي بِه يُمكن القتلُ والقتال أبرزُ عناوينهِ العامة هي ثلاثةً عناوين، أبرزُ عناوينهِ العامة:
عنوان الحد.
عنوان الدفع.
عنوان القصاص.
الحدُّ هو خاصٌ بذي الولايةِ المُستنِدةِ إلى الشرعِ الإسلامي، وله ضوابطُه وله أحكامُه وله إجراءاتُه المنصوصُ عليها في الشريعةِ الإسلامية، وليس حالةً يتصرفُ فيها الناسُ كيفما يشاؤون ويرون، أو يتصرفُ فيها أيُ شخصٍ بحسبِ ما يرى، لا، هذه مسألةٌ مضبوطةٌ جداً يتولاها ذو الولايةِ المستندةِ إلى الشرعِ الإسلامي ووفقاً لأحكامِ الشريعةِ الإسلامية، ولعناوينَ مُعينةٍ مِثل ما يتعلقُ بالمُرْتَّد، مثلَ الديّوث، مثلَ الساحرِ ونحوَهم، أي جهاتٍ معينةً ووفقَ ضوابطَ مُعينةٍ وأحكامٍ معينةٍ وإجراءاتٍ مُحدَّدةٍ في الشريعةِ الإسلامية، ليست مسألةً بمتناولِ أي شخصٍ أن يتصرَفَ فيها، أبداً، بحسبِ مَا يرى أو يُقرِر.
العنوانُ الآخرُ عنوانُ الدفع، وهو عنوانٌ أساسيٌ ومٌهم ويَشملُ حالاتٍ فرديةً وحالاتٍ عامةً وحالاتٍ جَماعية، الدفعُ الذي فيه دفعٌ للشرِ أو للفسادِ أو للمُنكَرِ الذي لا يندفعُ إلا بالقتل، لهُ حالاتٌ فرديةٌ وله حالاتٌ جَماعية، الحالةُ الفرديةُ إذا اُبتلي الإنسانُ بِمنْ يعتدي عليهِ بغيرِ حَق، ويحاولُ أن يقتلَه، ثم يَرى أنَّه لا يستطيعُ أن يدفعَ ذلكَ عن نفسِه إلا بالقتلِ وإلا قتلَه ذلك الآخرُ وبغيرِ حَق، لا يستندُ ذلكَ الآخرُ في ما يفعلُه بهِ إلى حقٍ أبداً، عُدواناً ظُلماً، تَعمُداً، فالإنسانُ في هذهِ الحالةِ لهُ الحقُ أن يَدفعَ عن نفَسِه، كذلك مثلاً دفعُ الجريمة، مثلاً المرأةُ إذا تعرّضتْ لمحاولةِ الاغتصابِ ولمْ تستطعْ أن تدفعَ عن نفسِها ذلك إلا بالقتل، فلها الحقُ في أن تَقتُلَ مَن يسعى إلى اغتصابِها ولا يندفعُ إلا بالقتلِ ولم تجدْ وسيلةً لِدفعِه إلا بالقتل، كذلك مَن يُحاولُ أن يَغتصِبَ مالَك، ومُمتلكاتِك، ولا تَقدر ولا تتمكن وليسَ هناكَ أيُ وسيلةٍ أخرى يُمكنُ أن تدفعَه عن ذلك إلا بالقتل، طبعاً هذا في غيرِ المُتنَازَعِ عنه، مسألةُ شجارٍ على أرض، أو على مُمتلكاتٍ مُعينَةٍ يُمكنُ أن يَبُتَّ فيها القضاءُ، لكن مسألة نهَّابٍ أو مِمن يُمارسون السطوَ أو قطعَ الطُرقاتِ ولا تتمكنُ مِن الحِفظِ أو الحفاظِ على مُمتلكاتِك إلا بذلك، لو تمكنَ الإنسانُ مِن الدفعِ بوسيلةٍ أخرى فعليهِ أن يستخدمَ الوسيلةَ الأخرى والتي هي أقلُ مِن مستوى القتل، هذه كأمثلة، لو بَغَتْ مثلاً فئةٌ على فئةٍ مِن أبناءِ الأمةِ واعتدت عليها بغيرِ حَق، لها أيضاً أن تدافعَ عن نفسِها.
ويدخلُ عنوانُ الجهادِ في سبيلِ اللهِ تحتَ عنوانِ الدَفْع، هو في الحقيقةِ لِدَفْعِ الشرِ لِدَفْعِ الفساد، لِدَفْعِ الخطر، لِدَفْعِ الجريمة، لِدَفْعِ المُنكَر، ولهذا أتى في القرآنِ الكريمِ في سُورة “الحج” وفي سورة “البقرة” تحتَ عنوانِ الدَفْعِ العنوانُ نفسُهُ الجهادُ في سبيلِ الله، في سورةِ البقرة أتى قولُ اللهِ سبحانه وتعالى بعدَ قصةِ طالوت وجالوت {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ}(البقرة ـ 251)، وفي سورة الحج أتى قولُ اللهِ سبحانه وتعالى {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ}(الحج ـ 40)، وهذا أتى بعد قوله تعالى {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّه}(الحج ـ 39،40)، فالجهادُ في سبيلِ اللهِ ليسَ عنواناً لعملٍ عدواني، يبتدئُ الناسُ هكذا بغيرِ مُبَرِّر، لا، فيأتي تحتَ عُنوانِ الدفع، الدفعِ للشر، الدفعِ للخطر، الدفعِ للطغاةِ للمجرمين للظالمين للمعتدين، فهذه العناوينُ التي هي عنوانُ الحدِّ ووفقَ ضوابطِه الشرعيةِ وإلى الجهاتِ المُختصةِ بهذهِ المسؤوليةِ وفقَ أحكامِ الشريعةِ الإسلاميةِ، وعنوانُ الدفعِ ومنهُ دفعُ المعتدين، دفعُ المُجرمين والظالمين والأشرار والطغاةِ والمتسلطين، وكذلك له ضوابطُ في الشريعةِ الإسلامية، في القرآنِ الكريم، له أحكامٌ مُحدَّدةٌ يجبُ أن يبقى مَحكوماً بها وعلى أساسِها.
وكذلك العنوانُ الثالثُ الذي هو حالةُ القِصاص، القصاصِ مِن القاتلِ ظُلماً، عُدواناً، تَعمَّدَ أن يَعتديَ بظُلمٍ على شخصٍ آخر، وقَتلَه، أزهقَ حياتَه، وهذه المسألةُ أيضاً لها أحكامُها المعروفةُ في الشريعةِ الإسلامية.
هذه العناوينُ الثلاثةُ هي العناوينُ الأبرزُ التي تشملُ كثيراً مِن التفاصيلِ المتعلقةِ بهذه المسألة.
{وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} فهي جريمةٌ شنيعةٌ جداً، {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ}(النساء ـ 93)، جريمةٌ خطيرةٌ جداً، الإنسانُ المُستهتِر، الإنسانُ الذي لا يُبالي قد يَقعُ في هذهِ الجريمةِ، إمّا على خَلفيةِ نزاعٍ أو على خلفيةِ غَضَب، غَضَب، حالةُ الغضبِ حالةٌ خطيرة، أو كِبْرٍ في بعضِ الناس، أو طَمَعٍ لدى البعضِ الآخرِ يُوصِلُه الطَمعُ إلى ارتكابِ مثلِ هذهِ الجريمةِ، الجريمةِ الخطيرةِ جداً التي تُسبِّبُ للإنسانِ غَضبَ اللهِ وسَخَطَ اللهِ والخلودِ في جهنَّم والعياذُ بالله، {وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ ۖ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا}(الإسراء ـ 33)، الذي يُقتَلُ مَظلوماً، مَن قتَلَهُ ظالماً لهُ بغيرِ حَق، جَعلَ اللهُ لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا، الولي قد يكونُ همُ الورَثةُ، قد تكونُ هي الجهةُ التي لها الحقُ الشرعيُ في مُتابَعةِ الاقتصاصِ مِن القاتل، وهذا السلطانُ سلطانٌ بالشرعِ للحُكمِ الإلهي، ويَدخلُ ضِمنَه أيضاً المعونةُ الإلهيةُ كمَا في آخرِ الآية {إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا} تأكيدٌ بأنَّ اللهَ سبحانه وتعالى سيعينُ المظلومين على أولئك الظالمين.
وهنا حديثٌ مهمٌ جداً عن قضيٍة هي مِن أسوأِ ما يُعانيه مجتمعُنا اليمنيُ العزيزُ وهي مشكلةُ الثأر، الآيةُ المباركةُ تقول {فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ ۖ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا}، مِن العادات الجاهليةِ التي هي موروثةٌ مِن العَهدِ الجاهلي هي قتلُ غيرِ القاتلِ ثأراً مِن القاتل، وهذه عادةٌ سلبيةٌ جداً، عندما تثأرُ فتقتلَ غيرَ القاتل، البعضُ إمّا قد يقتلُ القاتلَ أيضاً وغيرَه فيشملَ الآخرين مِن أقاربِه أو مِن قبيلتِه أو مِن مِنطقتِه أو مِن جماعتِه وهذه قضيةٌ خطيرة، البعضُ مثلاً يُريدُ أن يثأرَ بطريقةٍ يعتبرُها أكبر، مثلاً يريدُ أن يقتلَ شخصاً مُهماً في تلك القبيلة بدلاً مِن القاتلِ ليؤلمَهم أكثرَ، والبعضُ يتصورُ أنَّه قد فاتَه القاتلُ فيريدُ أن يُبادِرَ بقتلِ أي شخصٍ مِن أقاربِه أو مِن قبيلتِه أو مِنطقتِه بشكلٍ عاجل، لأنَّه مُستعجِلٌ للثأر، للثأرِ مِن قاتلِ قريبِه أو قاتلِ أخيه أو قاتلِ ابنه، فهو مُستعجِلٌ على عمليةِ الثأرِ فيقتلُ مع استعجالِه أيَ شخصٍ مِن أقاربِ القاتلِ أو مِن قبيلتِه أو مِنطقتِه أو جماعتِه أو غيرِ ذلك مِن الروابطِ المعروفة، فيكونُ قد ارتكبَ جُرماً آخرَ، والآخرون كذلك يأتون للثأرِ مِن أقاربِ ذلك القاتلِ أو مِن قبيلتِه حتى تصلَ المسألةُ إلى مستوى جرائمَ كبيرةٍ جداً ما بينَ الأطراف، وتصلُ أحياناً إلى قتلِ نساءٍ وأطفال، ثمَّ يعمُ الخوفُ ما بينَ أوساطِ المجتمعِ ليشملَ القبيلتين أو يشملَ المجتمعَ بكلِه، والقضيةُ واحدةٌ والمجرمُ واحدٌ ثم تعمَّمتْ المشكلةُ وأصبحت مُشكلةً عامة، هذا هو سلوكٌ جاهليٌ ليسَ مِن الإسلامِ في شيئ، الإنسانُ إذا قُتل قريبٌ له إمّا أخٌ وإما ابنٌ وإما أبٌ وإما أيُ قريب، أو مِن منطقتِه أو مِن قبيلتِه، أولُ ما عليهِ أن يتقيدَ بهِ هو الضوابطُ الشرعية، أن لا يتجهَ إلى غيرِ الجاني، إلى غيرِ الجاني، أن لا يثأرَ مِن غيرِه أبداً، بل حتى في ظلِ ظروفٍ يتهيأُ فيها تفعيلُ القضاءِ والجهاتِ المعنيةِ في الدولة، والأجهزةُ الأمنيةُ هي المعنيةُ أصلاً أن تقومَ بواجبِها بالأساسِ، وتسعى إلى الحفاظِ على الأمنِ والاستقرارِ في الساحةِ ثم تتخذُ إجراءتِها بقدرِ ما تستطيع، لكن حتى لو افترضنا وقصَّرت تلك الجهاتُ في مسؤولياتِها وواجباتِها، لا يجوزُ الثأرُ العشوائي، لا يجوزُ أبداً استهدافُ أو التركيزُ على غيرِ الجاني، اللهُ يقول {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ}(فاطر ـ 18)، تُصبِحُ كمِثل الجاني، تُصبِحُ مُجرماً مثله، وهذه كارثةٌ وتصرفٌ أحمق.
تلحظُ البعضَ مثلاً في البدايةِ يكونُ في الموقفِ الذي هو لصالحِه، مظلوم، هو مظلومٌ وقُتلَ قريبُه مَظلوماً، هو في هذه الوضعيةِ القضيةُ لصالحِه عندَ اللهِ سبحانه وتعالى، وهو صاحبُ حقٍ في تلك الحالةِ هو صاحبُ حق، وبالاستنادِ إلى الشريعةِ الإسلاميةِ بالاستنادِ إلى هذا الحقِ بالاستنادِ إلى مَعونةِ الله ووَعدِه لأنَّ قولَ اللهِ سبحانه وتعالى {إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا} وعدٌ مِن اللهِ بالنصر، ففيما أنَّك صاحبُ حقٍ، وفيما أنَّك صاحبُ مظلومية، إذا تقيّدتِ بالضوابطِ الشرعيةِ والتزمت بالتصرفِ المشروعِ الحَق فثِقْ بأنَّ اللهَ سينصرُك، ثِقْ بنصرِ الله، اللهُ يقول {إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا} لا تُسرِفْ في القتلِ بقتلِ غيرِ القاتل، بالاعتداء على غيرِ الجاني، أو بإلحاقِ الضَررِ بِمَن هو بريء، هذا إسرافٌ في القتل، أو أنك تسعى إلى قتلِ القاتلِ وقتلِ آخرين، تريدُ أن تقتلَ “مدري كم” عدداً مُعيناً مقابلَ المقتولِ مِن أقربائِك أو مِن قبيلتِك، فهذهِ القضيةُ خطيرةٌ جداً، الإسرافُ في القتل، يتحولُ الوضعُ بالنسبةِ لكَ مِن صاحبِ حقٍّ ومِن صاحبِ مظلوميةٍ ومِن صاحبِ وَعدٍ وعدَهُ اللهُ بالنصر {إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا} إلى إنسانٍ يتحمّلُ الوِزرَ، يتحملُ الإثمَ، يتحملُ الجريمةَ، يَخسر، يدخلُ ضمنَ الوعيدِ والتهديدِ الإلهي بالعذابِ في جهنَّم.
لو نأتي إلى واقعِ مُجتمعِنا، كم مشاكلُ حصلتْ ما بينَ قبيلةٍ وأخرى، كم سُفكتْ دماءٌ ما بينَ قبيلةٍ وأخرى نتيجةً للثأرِ بهذهِ الطريقةِ الجاهلية، وبهذا السلوكِ الجاهلي الذي ليسَ مِن الإيمانِ في شيئ؟، كم انتشرت حالةُ الخوفِ وأثّرتْ على حياةِ الناسِ في حركتِهم في الحياةِ في بَيعِهم في شرائِهم في تنقلاتِهم نتيجةً لهذا السلوك الجاهلي الذي يجبُ محاربتُه؟، وأولُ ما يجبُ محاربتُه بالوعي والإيمانِ والالتزامِ بالشريعةِ الإسلاميةِ وبالإجراءاتِ وبالاتفاقياتِ التي يجبُ أن تُساعدَ على حمايةِ الناسِ مِن هذه الجريمة إبتداءً، ثم في حالاتِ الثأرِ الذي يأتي على النحوِ الجاهلي وبالسلوكِ الجاهلي، {فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ ۖ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا}، البعضُ تُؤثرُ فيهم العَجَلةُ، الاستعجالُ، مُستعجِلٌ أن يثأرَ لأنَّ القاتلَ اختفى أو هَرَبَ أو غير ذلك، فيتصرف كيفما كان، لا، ثِقْ بنصرِ الله، اللهُ قد وَعدَ بالنصر (إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا) إذا لم يُسرِف الإنسانُ في القتلِ وتقيّدَ بالشرعِ الإلهي والتزمَ بأحكامِ اللهِ سبحانه وتعالى وتوجيهاتِه وتعليماتِه فقد وُعِدَ بالنصر.
نأملُ أن يكونَ هناك أيضاً اهتمامٌ بمعالجةِ هذه الظاهرةِ السلبية وهذه المشكلةِ الخطيرةِ جداً، المؤثرةِ في واقعِ الناس، مِن خلالِ التوعيةِ، مِن خلالِ الوثيقةِ القبَليةِ، مِن خلالِ الاجراءاتِ الرَسمية، مِن خلالِ اهتماماتٍ واسعةٍ لمعالجةِ هذه المشكلةِ والعملِ على إنهائِها، لأنَّها سلوكٌ جاهليٌ وسلوكٌ مٌدمِّرٌ وسلوكٌ خطيرٌ جداً، والاستهتارُ أيضاً بحالةِ القتلِ نتيجةً لأتفهِ الأسبابِ قضيةٌ خطيرةٌ على الناس، الأمةُ تواجهُ تحدياتٍ وتواجهُ مخاطرَ، لا ينبغي أن تُستنزَفَ في الصراعاتِ الداخليةِ على أتفهِ الأسبابِ وأن يُقتلَ الناسُ على أبسطِ الأشياء، الأمةُ بحاجةٍ إلى قُوتِها البشريةِ وطاقتِها البشريةِ في الاتجاهِ الصحيحِ في المواقفِ الصحيحة، والإنسانُ الذي يمتلكُ الشجاعةَ، يمتلكُ الجُرأةَ، يمتلكُ القوةَ، يُمكِنُ أن يُوفرَ شجاعتَه وأن يوظّف قُدرتَه هذه وطاقتَه هذه في مَحلِّها الصحيح، نحنُ اليومَ كشعبٍ يمني نواجهُ عُدواناً، عُدواناً ظالماً باغياً يَسعى إلى احتلالِ بلدِنا وإلى استعبادِ شعبِنا وإلى السيطرةِ علينا، مَن يمتلكُ الشجاعةَ، مَن يمتلكُ الجُرأة، مَن يمتلكُ القوة، مَن يمتلكُ الإقدامَ، يمُكنُ أن يُبيّنَ ذلكَ في مَحلهِ الصحيح، في التصدي لهذا العدوان، بَدلاً مِن الغَرقِ والضياعِ والتورطِ في جرائمَ مِن هذه الجرائمِ التي يَبقى مِنها الوزرُ والإثمُ ولها تبعاتُها الخطيرةُ في الدنيا وفي الآخرة.
نسألُ اللهَ سبحانه وتعالى أن يُوفقَنا وإياكم لما يُرضيهِ عنّا، وأن يرحمَ شهدائَنا الأبرارَ، وأن يشفيَ جَرحانا، وأن يُفرِّج عن أسْرَانا، وأن ينصرَنا بنصرِه، إنه سميعُ الدعاء.
وَالسَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه