لم ولن ينسى التاريخُ والأجيالُ المتعاقبة من أبناءِ شعبنا اليمني المجزرة المروَّعةَ التي ارتكبها أزلامُ النظام السعوديّ الظالم بحق آلاف الحجاج القاصدين لبيت الله الحرام فيما يعرف بمجزرة تنومة.
قبل ما يقارب المِئة عام وبينما آلافُ الحجاج اليمنيين المتوجّـهةُ قلوبُهم ومشاعرُهم إلى الله سبحانه، الذين شدهم العشقُ لله فقطعوا مئات الكيلومترات مشياً على الأقدام، قاطعين كُـلَّ تلك المسافات الشاسعة ومتحمِّلين لكل وعثاء السفر، يشدهم الشوق كُـلّ لحظة وثانية إلى الله، وإلى معانقة بيت الله الحرام، بينما هم كذلك وحينما وصلوا إلى محطة من محطات الرحلة، وهي منطقة تنومة الواقعة تحت سيطرة نظام آل سعود، بينما هم في وقفةِ الاستراحة تلك، كانت أعينُ الغدر والحقد المدفوعةُ من النظام السعوديّ ترقُبُ الموكب الإيمَـاني، تلك الأعين التي أنتجتها وأفرزتها أروقة المخابرات البريطانية وسخرتها مع النظام السعوديّ لحرب الإسلام.
كانت تلك القلوبُ المليئة بالحقد في لحظة ترقُّبٍ وانتظار، وما أن حط الحجاج رحالَهم ليستريحوا من وعثاء السفر، وليؤدوا ما عليهم من شعائرَ والتزامات وصلوات لله سبحانه وتعالى، انهال عليهم شياطينُ البشر بوابلٍ من رصاص الحقد، انهالت عليهم رصاصاتُ الحقد من كُـلّ صوب، كانت تخترقُ الأجسادَ الطاهرة من الرجال والنساء والولدان، فتسقط تلك الأجسادُ مضرجةً بدمائها الطاهرة، وكأنها وهي تسيلُ فوق تراب الأرض ترسُمُ الصورة الوحشية القذرة لنظامٍ قمعيٍ استبدادي عميل، سخر نفسَه ومقدراته لحرب الله ودينه.
سقطت تلك الأجسادُ الطاهرة الواحدةُ تلو الأُخرى، ورصاصات الحقد تنهال من كُـلّ جانب، نجا من نجا بأعجوبة وارتقت أرواح الأغلبية منهم إلى الله، شاكية إلى الله سبحانه وتعالى ظلم وطغيان عناصر الإجرام، تلك الحادثة كشفت من جانب مستوى الحقد والخبث الذي يكنه النظام السعوديّ ومن ورائه على الشعب اليمني، ومن جانبٍ آخر كشفت حقيقة وروحية ومهمة المشروع التكفيري الوحشي الخبيث الذي أنتجته أروقة المخابرات البريطانية.
هذه الجريمة رغم وحشيتها وقذارتها إلا أنها كشفت وفي وقت مبكر مدى الحقد والخبث الذي يكنُّه النظامُ السعوديّ الحاقد بحق الشعب اليمني، فحينذاك لم يكن هناك مناورات على الحدود السعوديّة، ولم يكن هناك شرعية يراد إعادتها، ولم يكن هناك انقلاب على الشرعية، فلماذا يا ترى نفذ النظام السعوديّ تلك المجزرة الموجعة والمفجعة والتي يمثل ذكرُها ونبش أحداثها وجعاً لكل الأحرار من أبناء الشعب اليمني، إلا أنها تشكّل لوحةً مكتملة الملامح لمستوى الحقد الدفين للنظام السعو صهيوني من جهةٍ ضد أبناء الأُمَّــة، ومن جهة أُخرى تكشف المهمة الحقيقية التي أوجد؛ مِن أجلِها النظام السعوديّ والمشروع التكفيري.
على أية حال فجريمةُ مجزرة تنومة ستبقى وصمةَ عارٍ بحق نظام عميلٍ مستبد، ومن جهة أُخرى هي تذكي في نفوسنا مشاعرَ الانتقام من نظامٍ سخّر كُـلّ مقدراته وإمْكَانياته وقدراته لحرب الإسلام واستهداف عمقه، ولن تنساها الأجيالُ المتلاحقة من أبناء شعبنا مهما تقادمت الأحداث.