إذاعة كل اليمنيين

لماذا كشفت إسرائيل عن بنك أهدافها في غزة؟

لأول مرة في تاريخ الصراع الاسرائيلي ، نشر جيش تل أبيب بشكل علني جزءاً من بنك أهدافه، الذي جمعه بواسطة طائراته المسيرة ذات الجهود الاستخباراتية من سماء قطاع غزة

وكشف الجيش الإسرائيلي ، خلال مقطع مصور، مواقع وبنية عسكرية قال، إن “حماس” وجناحها العسكري تشيدها في عمق الأماكن السكنية المدنية، بينما ردت الحركة بأن ذلك ادعاء كاذب ويأتي في إطار الحرب النفسية.

ومن بين المنشآت العسكرية التابعة لحركة “حماس”، التي تمكنت إسرائيل من كشفها موقع لتصنيع الأسلحة وسط مدينة غزة، ويقع بين أهم مستشفى في القطاع ومركز طبي تابع لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

وسط أحياء مكتظة

قالت نائبة المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي إيلا واوية، إن المكان المرصود يعد موقعاً مهماً لإنتاج وإصلاح الأسلحة، ويقع في الطبقة الأرضية من مبنى مخصص للسكن للاستخدام المدني، وهو يبعد 60 متراً من مستشفى الشفاء و55 متراً من عيادة صحية للأونروا، التي تصبح في حالات القتال مركز طوارئ أساسياً.

وكشف الجيش الإسرائيلي أيضاً عن مستودع أسلحة بالقرب من مسجد ومكتبة عامة. وأوضحت واوية أن المخزن يقع وسط حي مدني وقريب جداً من مسجد يستضيف أنشطة تعليمية رياضية للأطفال، ولا يبعد سوى أمتار عن مكتبة يمولها بنك “KFW” الألماني، ويقصدها العديد من السكان بهدف الدراسة واستعارة الكتب.

وكذلك توصل الجيش إلى أن “حماس” تستخدم مسجداً آخر كمستودع، وبحسب واوية، فإن الحركة حولت دار عبادة إلى غرفة عمليات ومخزن أسلحة، وإحداثيات الموقع توضح أنه يبعد 86 متراً من مركز تابع للأمم المتحدة ويقدم الخدمات الإغاثية والاجتماعية.

كما تضمن بنك الأهداف خمسة مسارات لإنفاق تحت الأرض، وثلاث فتحات عسكرية لسراديب. أضافت واوية أنها تستخدم لإدارة القتال والتحرك السري ومحاولات خطف، كما تعد مساحة لتخزين الأسلحة والاتصال، وهي متصلة بفتحات عسكرية تعد نقاط دخول وخروج إلى الأنفاق.

وأشارت نائبة الناطق باسم الجيش إلى أن أحد مسارات الأنفاق يمر أسفل معمل للمشروبات الغازية، وعند تدميره يتعرض الاقتصاد في غزة إلى انهيار، فيما المسار الثاني قريب من الجامعة الإسلامية، وهي أكثر مكان تعليمي مهم، لكنه يتبع لحركة “حماس”، وكذلك لا يبعد أحد السراديب سوى أمتار عن المقر الرئيس للأونروا في الشرق الأوسط.

ولفتت واوية إلى أن أحد فتحات الممرات تحت الأرضية قريبة من مركز الإسعاف الرئيس في غزة، الذي يضم 14 سيارة و30 من أفراد الطاقم.

قواعد القانون الدولي الإنساني

هذه المرة، ركزت إسرائيل فيما كشفته من بنك أهدافها على استخدام حركة “حماس” المناطق السكنية المدنية كمركز لتخزين الأسلحة، وهذا الاتهام ليس الأول، بل تكرر عقب قتال مايو (أيار) 2021.

وقال المتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، إن “حماس تستخدم سكان غزة المدنيين دروعاً بشرية، وتشيد قدراتها العسكرية وسط أحياء مكتظة وبالقرب من المدارس والجامعات والمستشفيات والمساجد، وهذا الإجراء يعرض الأبرياء المدنيين للخطر في حال نشوب قتال عسكري”.

وأضاف، أن “حماس تخرق بنود القانون الدولي الإنساني، الذي يحيد المرافق الطبية والتعليمية والأحياء السكنية من أي أنشطة عسكرية، هذا الإجراء يعد ضمن الجرائم التي ترقى إلى جرائم حرب، في وقت إسرائيل ملتزمة في الدفاع عن نفسها”.

“حماس” ترد

بدورها، نفت حركة “حماس” اختراق قواعد القانون الدولي الإنساني. وأكدت أنها لن تمارس أي أنشطة عسكرية في مناطق مدنية أو وسط تجمعات سكنية.

وقال الناطق باسم حركة “حماس” فوزي برهوم، إن معلومات إسرائيل محض أكاذيب وافتراء، ولا أساس لها من الصحة، وتأتي في إطار الحرب النفسية المتواصلة للإضرار بالفصائل وحاضنتها الشعبية وتأليب الرأي العام عليها.

وأضاف برهوم، أن “بعض المشاهد التي نشرتها إسرائيل هي لأماكن ارتكب الجيش فيها مجازر ضد المدنيين في قتال مايو 2021، وهي مرفوعة الآن أمام جهات قانونية دولية لملاحقة مجرمي الحرب الحقيقيين، وهذا دليل واضح أن تل أبيب تمر بأزمة حقيقية أمام مؤسسات حقوق الإنسان والجهات الدولية”.

وأكد الناطق باسم “حماس” أن الحركة “على الرغم من محاولات التشويه والتشويش ستستمر في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين، وستفشل إسرائيل في نشر الإشاعات ولن تستطيع تحقيق ما لم تتمكن من الوصول إليه في المعارك العسكرية والأمنية”.

تبرير استباقي

تعد هذه المرة الأولى التي تكشف فيها تل عن بنك أهدافها، إذ لم يسبق للجيش الإسرائيلي نشر أي معلومات استخباراتية تمكن من الوصول إليها، كذلك لم ينشر في أي حال مواقع عسكرية ينوي قصفها لا قبل دخوله معركة عسكرية ولا خلالها.

لكن يبدو أن الجيش الإسرائيلي اضطر هذه المرة لنشر جزء من بنك أهدافه الذي جمعه من غزة، خصوصاً أن هذه الجهود جاءت في أعقاب تدقيق دولي قاس في شأن تصرفات إسرائيل خلال قتال مايو 2021، الذي راح ضحيته 243 شخصاً بينهم 66 طفلاً، وأصيب 1910 أفراد، وأثارت هذه الحصيلة انتقادات دولية شديدة، وفتحت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقاً في تكتيكات ساحة المعركة الإسرائيلية، لاشتباهها بارتكاب جرائم حرب.

في أعقاب ذلك، بدأ الجيش العمل على تنسيق جهود المناصرة العامة من خلال إجراءاته العملياتية. وقال رئيس القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي إليعازر توليدانو، إنهم يعملون في غزة وفق قواعد الشريعة الدولية، ويتخذون احتياطات لمنع وقوع إصابات غير ضرورية في صفوف المدنيين، كما أن الأهداف تستند إلى معلومات استخباراتية متطورة يجريها مستشارون قانونيون وخبراء آخرون، وفي أثناء المعركة لا يمكن شرح كل عمل عسكري للعالم لأن ذلك مهمة صعبة.

وأضاف توليدانو، أن “حماس تطلق النار من داخل المناطق المدنية، ونحن نحذر السكان في كثير من الأحيان للإخلاء قبل قصف منازلهم بصواريخ موجهة بدقة عالية، لكن في بيئة كغزة وقوع خسائر مدنية أمر لا مفر منه”.

وفقاً للمراقبين العسكريين، فإن إجراء تل أبيب يعد تبريراً استباقياً أمام العالم حول الأضرار الجانبية التي من الممكن أن تحلق سكان غزة في أي ضربات مستقبلية داخل القطاع المكتظ. مستدلين على ذلك بقول وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس إنهم “عازمون على ضرب كل هدف عسكري لحركة حماس، لذلك يجب على العالم أن يعرف أين تتركز أنشطة الفصيل الإرهابي”.

قد يعجبك ايضا