التواجد الأمريكي في حضرموت يكشف الأهداف الحقيقية للعدوان وصول قوات أمريكية إلى حضرموت وعدن والغيضة وأخرى فرنسية إلى منشأة بلحاف النفطية
فصل جديد من فصول المؤامرة الأمريكية يجرى تنفيذه في اليمن، والميدان محافظة حضرموت الغنية بثروتها النفطية، الكبيرة من حيث المساحة وشريطها الساحلي الذي يزيد عن 540 كم، زيارات ميدانية وانشطة أمنية وعسكرية مشبوهة تكاد لا تنتهي وتتجاوز في عناوينها كل الحدود الدبلوماسية والبروتوكولات الدولية المعروفة.
في واقعة جديدة أثارت علامات استفهام كبيرة حيث قام وفد عسكري أمريكي بزيارة ميدانية لمديرية بروم الساحلية بحضرموت حيث أظهرت صور نشرتها وسائل إعلامية مقربة من العدوان أعضاء الفريق الامريكي في اجتماع مع مدير المديرية المعين من قوى العدوان لمناقشة ما أسموها الجوانب الأمنية والعسكرية والخدمية ودور المنظمات الدولية المانحة والمؤسسات المحلية حيث أبدى مسؤول السلطة المحلية في بروم استعداده تقديم كافة الخدمات لتسهيل عمل الفريق الامريكي لما تقتضيه المصلحة، ولا من مصلحة سوى تعزيز التواجد الأميركي وتغلغله وتحكمه في مختلف مفاصل الدولة تحت ذريعة تقديم الخدمات والمساعدات وتذليل الصعوبات التي تعرقل سير العمل في شتى المجالات.
وبالتزامن مع وصول الوفد العسكري الأمريكي والذي جاء مع تواصل الاشتباكات الدامية بين مليشيات العدوان في شبوة لصرف الأنظار عما يحدث، فقد كانت هناك زيارة أخرى للمبعوث الأمريكي والأممي إلى شبوة حيث عقد المبعوثان اجتماعا مع محافظ شبوة المعين من قوى العدوان ،ومكان الاجتماع في منشأة بلحاف الغازية وهذه الزيارة الثانية للمبعوث الأمريكي والتي تأتي لنفس الأهداف وهو تعزيز الحضور الأمريكي والبريطاني والفرنسي في شبوة وحضرموت لتكون أمريكا بذلك قد نشطت عسكرياً وسياسياً في وقت واحد.
في ذات السياق وصل الأسبوع الماضي العشرات من عناصر البحرية الأمريكية إلى المكلا، وفور وصول القوات الأمريكية قامت بجولة ميدانية أو ما يشبه الاستعراض في شوارع الضبة والشحر وفوه وبروم الساحلية بحضرموت، ترافق هذه القوات طائرات استطلاعية حلقت بكثافة فوق تلك المناطق.
سابقة خطيرة وجرس انذار يكشف أن هدف القوات الأمريكية لا يقتصر على السيطرة على منابع النفط، بل استهداف الشعب اليمني في عرضه وقيمه وأخلاقه ومبادئه، حيث تداول المئات من الناشطين اليمنيين في مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لجنود أمريكيين يقفون إلى جانب نساء يمنيات في مدينة الشحر بحضرموت ويتعمدون التقاط صور بجانبهن بصورة فجة، في خطوة تسعى من خلالها السلطات الأمريكية لقياس الرأي العام اليمني، فمن خلال ردة فعل الشارع ( غضب عارم أو السكوت ) يتضح للجانب الأمريكي مدى تقبل المجتمع بتواجد قواته وأن بإمكانه الإقدام على خطوات أكبر فالساحة مهيأة أمامها.
في وقت سابق كشفت أمريكا في تقرير لها عن تواجد لقواتها في اليمن ” بشكل محدود ” حسب زعمها دون ذكر تفاصيل أكثر، لكن التفاصيل تترجمها توالي وصول القوات الأمريكية تباعاً إلى حضرموت والمهرة الغنيتان بالنفط.
الذريعة التي لا تنفك أمريكا من استخدامها هي محاربة ما يسمى ” عناصر القاعدة” التي كانت وما تزال هي وسيلة أمريكا لتعزيز سيطرتها على المحافظات النفطية اليمنية التي تسعى جاهدة لنهبها حتى تتمكن الولايات المتحدة من حل أزمتها النفطية التي طرأت نتيجة الحرب الروسية في أوكرانيا.
******
محطة أخرى من محطات النشاط الأمريكي في اليمن، فقد وصلت قوات أمريكية إلى مطاري عدن والغيضة في محافظة المهرة شرق البلاد ، وأقدمت قوات أمريكية على الانتشار في مطار عدن وباشرت بعد وصولها على متن طائرة عسكرية أمريكية بالانتشار في محيط المطار بمديرية خور مكسر ، وذلك بالتزامن مع وصول قوات أمريكية إلى مطار الغيضة بمحافظة المهرة .
الاستفزاز الأمريكي العسكري الأخير، جاء عقب قيام قوات فرنسية بإنزال جوي في ميناء بلحاف الغازي في مديرية رضوم بمحافظة شبوة ، وذلك بعد 24 ساعة من وصول قوات أمريكية إلى حضرموت وقيامها بجولات استطلاعية في مناطق الضبة والشحر ومنطقة فوه ثم مديرية بروم الساحلية.
الفريق الفرنسي من المهندسين الذين وصلوا إلى منشأة بلحاف يتبعون شركة توتال الفرنسية ومعهم 20 من جنود وضباط القوات الفرنسية ، وقد ظل الفريق على مدى 48 ساعة وقام بقطع الاتصالات عن المديريات الساحلية للمحافظة، وقد طالب الفرنسيون من الإماراتيين مغادرة المنشأة، وحسم المعركة بأسرع وقت – بين المليشيات – كشرط لبدء استئناف تصدير الغاز اليمني المسال.
وبالتزامن تم رصد بارجة حربية فرنسية في القرب من سواحل رضوم بمحافظة شبوة وهذه البارجة العسكرية قدمت من خليج عدن مجهزة بأسلحة متطورة ولاتزال في وسط البحر وتشاهد بالعين المجردة، حيث قدمت إلى سواحل رضوم بالقرب من ميناء بلحاف في إطار الاستعدادات الفرنسية الأمريكية لإعادة نهب الغاز المسال وتصديره للأسواق الأوروبية .
أطماع أمريكا في حضرموت
الأطماع الأمريكية في محافظة حضرموت ليست وليدة اللحظة، بل ظهرت منذ أواخر خمسينيات القرن الماضي، والتي بدأت ترجمتها من خلال إرسال شركات للتنقيب عن النفط بالتعاون مع المستعمر البريطاني في المحافظات الجنوبية، وفي مقدمة تلك الشركات شركة “بان أمريكان” والتي أعلنت في العام 1961م وجود كميات كبيرة من النفط في صحراء ثمود.
إعلان الشركة النفطية أثار الأطماع الأمريكية، فوجهت السعودية، التابع الأكثر ولاءً لها، للعمل على ضم وإلحاق منطقة ثمود النفطية بأراضيها، وهو الأمر الذي عزز رغبة السعودية في ضم المديرية إليها ودفعها لاختلاق خلافات بين أبناء تلك المناطق.
ووفقاً للمصادر التاريخية، فقد أوعزت الرياض لتجار حضرموت الحاملين للجنسية السعودية، القيام بعملية شراء أراضٍ واسعة في ثمود، وبعد ذلك حاولت الرياض فصل منطقة ثمود عن حضرموت وضمها إليها، إلا أن تلك المحاولات أفشلتها الجبهة القومية عام 1967م، ولكن على مدى العقود الماضية وقفت السعودية عبر أياديها المختلفة أمام عدم استخراج الثروة النفطية في ثمود، كما سبق لها وأن أوقفت كافة أعمال التنقيب عن النفط في الشريط الحدودي بين شرورة وحضرموت طيلة العقود الماضية، وها هي اليوم تعود إلى المحافظة وتعيد معها أمريكا وأطماعهما في السيطرة على حضرموت.
الأطماع الأمريكية جعلت محافظة حضرموت تحتل واجهة اهتمام الإدارة الأمريكية المتعاقبة، والتي أظهرت اهتماماً استثنائياً بمحافظة حضرموت ليس منذ بدء العدوان على اليمن في الـ26 من مارس 2015 م، بل منذ العام 2011 وهو ما بدا جليا من خلال الزيارات المتكررة للسفير الأمريكي لحضرموت وتدخلاته في أمورها.
وترجمة لتوجهات واشنطن وسيناريوهاتها التوسعية، تحولت مدينة المكلا خلال الأعوام الأولى من العدوان إلى محطة رئيسية للأمريكيين، ووجهة لتحركاتهم المكثفة والمتلاحقة قام بها أمريكيون خلال الفترات الماضية إلى حضرموت التي استقبلت وفودا أمنية وعسكرية أمريكية، أظهر الأمريكيون خلالها أنهم ليسوا في حاجة لأخذ الإذن أو حتى إبلاغ حكومة الفار هادي بها.
الزيارات الأمريكية المشبوهة لحضرموت
في أكتوبر من العام الماضي ظهر جنود أمريكيين ترافقهم كلاب بوليسية ومدرعات في شوارع غيل باوزير بمحافظة حضرموت المحتلة، وكان هذا متزامناً مع تواجد القوات الأمريكية في مطار الريان ومؤسسات حكومية أخرى، وحين أثار الموضوع ضجة إعلامية وسخطاً على حكومة المرتزقة، وبدلاً من اتخاذ اجراءات عقابية ظهر مسؤولون في حكومة الارتزاق لتبرير تواجد الأمريكيين كان من أجل حماية فريق تابع للأمم المتحدة، ولكن كيف لقوات أمريكية مكونة من عشرات الجنود والمدرعات والعتاد والأسلحة المتنوعة والمتطورة أن تحمي فريق للأمم المتحدة فيما لا يحتاج هذا الفريق في محافظات أخرى سوى عدد من الجند بأسلحتهم الشخصية.
خلال النصف الثاني من العام 2019م، قام السفير الأمريكي لدى اليمن كريستوفر هنزل والمقيم في الرياض بزيارتين للمكلا يرافقه وفد أمني واستخباراتي رفيع المستوى، على متن طائرة سعودية هبطت في مطار الريان، وفور وصوله إلى المطار، توجّه هنزل إلى مقرّ قيادة «المنطقة العسكرية الثانية» وترأس اجتماعاً للمحافظ المعين قائدا للمنطقة من قبل الفار هادي، وضم مختلف القيادات العسكرية والأمنية.