المسؤوليةُ في الإسلام
د. شعفل علي عمير
المسؤوليةُ هي تلك الأمانةُ التي أُلقيت على عاتق المسؤول، سواءٌ أكانت تلك المسؤولية فرديةً تخُصُّ الفردَ في سلوكه الشخصي وعباداته وعلمه وعمله أَو مسؤولية جماعية تخُصُّ مسؤوليته تجاه مجتمعه الذي هو جزءٌ منه.
والمسؤوليةُ في الإسلام تعني أن كُـلّ مسلم مسؤولٌ عن كُـلّ شيء قد جعل له الشرعُ سلطانًا عليه، ونفهم من هذا أن الواجب على الإنسان المسلم أن يكون واعيًا بمعنى المسؤولية كأمانة أولاً وجزء من واجبه الديني فهي مرتبطة بشكل مباشر بالدين قال تعالى: (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ)، أي أن كُـلّ إنسان مسؤول أمام الله -سبحانَه وتعالى- عما أوكل إليه من مسؤولية وهنا تبرز أهميّة أن يكون المسؤول مُساءَلاً عن كُـلّ عمل في إطار مسؤوليته، سواءٌ أكان هذا العمل سلبيًّا أَو إيجابيًّا، ويجب أن ترتبطَ بمبدأ الثواب والعقاب.
عندما يخل أيُّ مسؤول عن مسؤوليته في غياب الرقابة ممن كلفه بهذا العمل، حتماً سوف تتسع الاختلالات وتكبر نتائج الإخفاقات على المستوى الذي ينعكس سلبًا على المجتمع برمته وفي هِذا الجانب يكون أثر القصور على المجتمع كبيراً ونتائجه كارثية، فالتساهل في أداء المسؤول ينتج عنه الهدر في موارد المجتمع سواء موارده المالية أَو المادية الأُخرى.
وحتماً فَـإنَّ من يتحملُ هذا كله ليس المسؤول المباشر عن هذا القصور فحسب بل أَيْـضاً من أوكل إلى هذا المسؤول هذه الأعمال وغياب الرقابة والمتابعة، وعدم اتّباع مبدأ الثواب والعقاب ينتج عنه العبث بموارد الأُمَّــة سواءٌ أكان مقصوداً أَو غيرَ مقصودٍ، ولا يجوز بأي حال أن نضحي بمصلحة الأُمَّــة مقابل أن يستمر المسؤول المقصر في عمله.
وعندما يعرفُ المسؤولُ بأن هناك رقابةً إلهيةً عليه ورقابةً أُخرى ممن كلفوه بهذا العمل فسوف يحرصُ كُـلَّ الحرص على أداء عمله بكل حرص، وهنا يجبُ قبل تكليف أي شخص للقيام بعمل معيَّن أن نرسخ في ذهنه مراقبةَ الله له من خلال علمه -سبحانه وتعالى- بكُـلّ شيء أولاً ورقابة الملائكة وكذلك رقابة جوارحه التي تشهد عليه ثم مراقبة مسؤوله المباشر الذي هو مراقب أَيْـضاً بأدوات الرقابة الإلهية قال تعالى: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُـلّ أُولئك كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا).
فالتساهل في مراقبة ومن ثَمَّ محاسبة المقصّرين هو تفريطٌ في الالتزام بأوامر الله سبحانه وتعالى؛ لأَنَّه تفريط في الأمانة وكذلك تفريط في ما هو حق للأُمَّـة.