الإمام الهادي إلى الحق شاعرًا
إعداد: حسن المرتضى
مما قاله الإمام الهادي إلى الحق عليه السلام هذه القصيدة من بحر البسيط إلى الدّعام ابن إبراهيم الأرحبي يحثه على الجهاد في سبيل الله ويذكر سوابق همدان مع أمير المؤمنين وأخي سيد المرسلين صلوات الله تعالى وسلامه عليهم أجمعين:
انهض فقد أمكنتنا فرصة اليمنِ …. وصل فضائل كانت أول الزمنِ
وسابقات وإكرامًا ومكرمة …. كانت مع الطاهر الهادي أبي الحسنِ
ويوم صفين والفرسان مُعلَمةٌ …. تخوض في غمرات الموت في الجشنِ
والروع حام ويوم النهروان لكم …. والنقع مرتفع بالبيض والحُصُنِ
ونصرهم لأمير المؤمنين على …. محض المودة والإحياء للسننِ
وقم فزد شرفًا يعلو على شرف …. في حي همدان والأحياء من يمنِ
ففيك ذاك بحمدالله نعرفه …. إذ أنت ليث الوغى في السلم والفتنِ
واستغنم الأمر نهضًا يا دعام له …. مادام روح حياة النفس في البدنِ
إلى آخرها،
هذا وقال الإمام الهادي إلى الحق المبين يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم عليهم أزكى التحيات والتسليم في قصيدته المشهورة العينية من البحر الطويل:
نفى النوم من عيني همّ مضاجعُ …. وخطب جليل فهو للنوم مانعُ
إلى قوله عليه السلام:
فما العز إلا الصبر في حومة الوغا …. إذا برقت فيها السيوف اللوامعُ
ومن لم يزل يحمي ويَنْقِم ثاره …. ومن هو في الحالات يقظان هاجعُ
يقلب بطن الرأي فيه لظهره …. ويمضي إذا ما أمكنته المقاطعُ
ونحن بقايا المرهفات وسورها …. إذا كان يوم ثاير النقع ساطعُ
يموت الفتى منا بكل مهند …. وأسمر مسنون الشبا وهو دارعُ
فتلك منايانا وإنا لمعشر …. من الناس في الدنيا النجوم الطوالعُ
أبونا أمير المؤمنين وجدنا …. رسول الذي منه تتم الصنايعُ
نهضت فلم أعجز وقلت مواعظا …. ذخاير علم إن وعاهن سامعُ
بنيت لكم بيتا من المجد سمكه …. دوين الثريا فخره متتابعُ
بعثت كتاب الله بعد هلاكه …. فليس بغير الحق يزمع زامعُ
وحرمت ما قد حرمته نواطق …. من آي كتاب الله غر جوامعُ
فطال بفعلي كل آل محمد …. وكل عزيز عندهم متواضعُ
وشيعتهم عالون في كل حجة …. وأمرهمُ في آل أحمد جامعُ
وجوههم تزهو بنور فعالهم …. إذا فخروا طالوا على من ينازعُ
لأنهمُ أحيوا كتابا وسنة …. به شهدت عند الفخار الصوامعُ
ومنها:
ألم تعلموا أني أجود بمهجتي …. ومالي جميعا دونكم وأدافعُ
ولست وبيت الله أذخر عن أخ …. إذا نلت ما فيه الغنى والمنافعُ
وإني لأحمي أن أبيت بغبطة …. بطينا وجاري مقتر وهو جائعُ
ومنها:
وإني قصدت الله في الأمر كله …. وإني له عبد مطيع مبائعُ
ومن بايع الرحمن لم يبغ غيره …. وذو البخل بالأموال تالله جائعُ
وقد عشت فيكم أعصرا بعد أعصر …. بذولا لمالي إن حوى المال جامع
فلو أن أرض الله طرا بأسرها …. وأمثالها أمست حوتها الأساجعُ
لجدت بها والله قولة صادق …. لبعضكم صدري بذلك واسعُ
إلى قوله:
بني عمنا الدنيا تدور بأهلها …. وأيامها عُوْج هديتم رواجعُ
فلا تيأسوا منا لعل أمورنا …. سيتبعها دهر موات متابعُ
فللدهر حالات يقلب أهله …. فيخفض متبوعا ويرفع تابعُ
وليس أخو الأيام إلا مناظرًا …. عواقبها لا أعوج الرأي جازعُ
فمن كان في شيء تنظر ضده …. وللشيء أسباب إليه تسارعُ
عليكم سلام الله ما ذر شارق …. وما سجعت فوق الغصون السواجعُ
وقال عليه السلام مخاطبًا لولاة الجور من أهل العراق – أي بني العباس-
ألا أبلغ ولاة الجور عني …. مقالة صادق فيما يقولُ
بأني إن سَلِمت لكم قليلا …. وتنسيني منيتي العجولُ
تروني في كتايب مرغمات …. لأنفكم إذا حضر الصقيلُ
من اليمن الذي فيه مقال …. من الرحمن جاء به الرسولُ
عليهم كل سابغة دلاص …. يرون الكفر منهم أن يزولوا
على حُصُنٍ مسومة كرام …. خلال القسطلين بهم تجولُ
بأيديهم بواتر قاطعات …. لها من ضرب هامكم فلولُ
أكر على عتاتكم كميتا …. شديد الأسر همته الصهيلُ
تحف به قبائل أهل بأس …. يمانيون عزهم أصيلُ
وحولي المؤمنون أولوا المعالي …. وحولكم الأراذل والجهولُ
إلى قوله:
فينصر ديننا ذو العرش ربي …. فتلقوا في الأسار لكم عويلُ
فلست إلى النبي إذا انتسبتم …. إلى أجدادكم حقا أقولُ
إذا ما كان ذاك ولم أقمكم …. على الحق المبين ولا أميلُ
وأعدل منكم عوجا وميلا …. وعاد الحق دهرا ما يحولُ
وأحكم بالكتاب كتاب ربي …. فقد حارت عن الآي العقولُ
وأقفو سنة المختار جدي …. وما قد قاله البر الوصولُ
فيلقى الجور قد هتكت عراه …. ويعقب عزه ذل يطولُ
ويضحي الحق أبلجَ مستبينا …. وبعد السخط قد رضي الجليلُ
وعاد الناس في عدل جميعا …. وأشبعت الأرامل والكهولُ
ومسكين وأيتام ضعاف …. ويُكسى فيه عُريان ذليلُ
ويقضى عنهم غرم ودين …. ويأمن ويحهم لهم السبيلُ
ويقسم فيئهم فيهم جميعا …. كثير المال منهم والقليلُ
ويصبح راغمًا إبليس حقا …. ويرضى الله ليس له عديلُ
وقال عليه السلام يصف وقعة جرت من وقعاته من البحر الوافر:
ألا لله عينا من رآنا …. وأشباه الكلاب لدى القتالِ
وقد سرنا إليهم في جيوش …. مظفرة تزفُّ إلى القتالِ
بأيديهم بواتر قاطعات …. يزاح بهن أقحاف الرجالِ
فصبحناهم بالخيل قبًا …. ترامى في الأعنة كالسعال
عليها كل أروع مضرحي …. تسربل سابغ الحلق المذالِ
فاعذرنا ولم نعجل عليهم …. وخيرناهم كل الخصالِ
ومنها:
ولست بمسرع في ذاك حتى …. إذا ما كفر كافركم بدا لي
وقد كنتم زمانا في فساد …. وإدغال وخدع واغتيالِ
ومنها:
فقد أعطاني الرحمن نصرًا …. وإمدادًا بإعزاز ومال
وجيش لا يرام إذا التقينا …. شديد البأس يزحف ذا احتفال
فحزب الله منصور قوي …. وحزب البغي يؤذن بالوبال
وأمر الله يقدم كل أمر ….
ولسنا أهل غدر وانتقال
أنا ابن محمد وأبي علي ….
وجدي خير منتعل وخالي
بحذوهم لعمركم احتذائي ….
كما يحذو المثال على المثال
أنا الموت الذي لابد منه ….
على من رام غدري واغتيالي
وغيث للولي إذا وليٌّ ….
أتاني يبتغي مني نوالي
ـــــــــــــــــــ
ومن قصيدة له عليه السلام من البحر الكامل:
بلغ سراة بني ربيعة كلها …. وبني صريم نصرتي ورجالي
والذائدين عدو آل محمد …. بالمشرفية والقنا العسّالِ
والناصرين لربهم ونبيئهم …. وإمامهم بتوازن وتوالِ
والقائمين بنصر آل محمد …. والحافظين لعهدهم بكمالِ
ومنها:
إني أتاني نصحكم وفعالكم …. بالناكثين أراذل الأوغال
وتمامكم لوليكم وإمامكم …. بالبيعتين غداة كل نضالِ
إن الصنائع لاتضيع لأهلها …. عندي وسيفي واكف التهطالِ
في نصرتي حظان قد عرفا معًا ….
حقًا ولست بكاسف الآمالِ
حظ لدى الدنيا يعيش به الورى ….
خضر الجنان كزاخر سَيَّال
ولدى القيامة في جوار محمد ….
في جنة نعمت وطيب ظلال
ياحي وادعة الكرام تأهبوا ….
في الدين إن عليكم إدلالي
وبكم أصول على العدو لأنكم ….
أنتم يميني في الوغى وشمالي
وكذاك كان جدودكم مع والدي ….
صنو الرسول الطاهر المفضال
أعني أمير المؤمنين أخا النهى ….
والمفني الكفار باستئصال
غرّ العبيد بني طريف علتي ….
مع محنة دامت عليَّ ليالِ
وأنا الذي عرفوا وسوف أزورهم ….
بالخيل عابسة وبالأبطال
وبكل قارعة كأن حسيسها ….
نار تُضَرَّم ساطع الإشعال
لست ابن أحمد ذي المكارم والعلى ….
إن لم أثر نقْعًا بصحن أزال
وأحكم البيض البواتر فيهم ….
حتى أقيم تمايل الأنذال
قد جربوا حزمي وصفحي عنهم ….
وطريقتي وخلايقي وفعالي
فتوازروا طرًا علي بجدهم ….
كفعال عاد في الزمان الخالي
لما منعتهم الفواحش والردى ….
والفعل للشبان باستحلال
ودعوتهم إصلاح دين محمد ….
وقيامهم بفرائض الأعمال
وحميتهم شرب الخمور وأكلهم ….
مال اليتيم بطغوة وضلالِ
فعتوا ومالوا للضلالة والهوى ….
والحق قد رفضوه باستبدالِ
فهناك قلت وما عرفت بخاشع ….
لنوايب الحدثان في الأهوالِ
إنْ يُقْبِلوا فبحظهم أخذوا وإن ….
جمحوا فسوف أبيدهم بنكالِ
وأبي رسول الله أسس دعوتي ….
فبه أطول منيف كل طوالِ
وهدا فأورثني الهدى فحذوته ….
حذو المثال مقابلا لمثالِ
ونصبت نفسي في مقامي ناصحًا ….
لرعية لهجت بكل محال
هذا كتاب الله يشهد بيننا ….
فسلوه ينطق عند كل سؤال
أأنا أحق بأمركم وبنهيكم ….
ياقوم أم عُبْدان آل حوالِ
إن النبي غدًا يقوم بحجتي ….
فضعوا الجواب له على استمهالِ
مارغبتي فيما حوته أكفكم ….
بل رغبتي في الخالق المتعالي
وبه نعز كفى به عزًا لنا ….
عز الإله معظم بجلالِ
…
ويقول أيضا عليه السلام من بحر الكامل
لا زاجر لذوي الضلالة والردى ….
إلا السيوف غمادها في الهامِ
قرب الوعيد وحان سفك دمائكم ….
لخلاف متبع القرآن إمام
متوكل ماضي العزيمة ضيغم ….
صلد الصفات معاود الأقدامِ
مازال يصفح ثم يعفو آخذا ….
بالفضل ذا حدب على الإسلامِ
حتى إذا طال النكوث وأسرفوا ….
في البغي إن البغي فعل لئامِ
آذنتهم بالحرب إني واثق ….
بالنصر من ذي العز والإكرامِ
فالآن جدوا واجهدوا وتحرزوا ….
فأنا الموهِّن كيد كل عرامِ
وبذي الفقار أصول في لجج الوغى ….
حتى أُكشِّف حالك الإظلامِ
وترى السواعد والأكف طوايرًا ….
والروس طائحة مع الأقدامِ
بمقام أروع في النبوة أوسط ….
ينميه كل معظم قمقامِ
قاسى شدائد كل حرب معلنًا ….
حقا وفض صفوف كل لهامِ
والله يفعل ما يشاء بقدرة ….
باري البرية عادل الأحكامِ
ومما قاله الإمام الهادي إلى الحق عليه السلام في شأن القرامطة والملاحدة من البحر الكامل:
يا أمة الكفر الذين تحملوا ….
بالصغر منهم طاعة الشيطانِ
رفضوا الهدى والحق ثم تعلقوا ….
وتمسكوا بالظلم والعدوانِ
وعصوا بكفرهم الإله فأصبحوا ….
متقلدين سرابل النيرانِ
أعروا ظهور المسلمين بجورهم ….
واستأثروا بمنافع العقيان
قتلوا الأنام وأيتموا أطفالهم ….
وسبوا كرايمهم من النسوانِ
وأتوا بكل عظيمة مجهولة ….
نقضًا لآل مُنَزّل القرآنِ
ومنها:
قتلوا الضعيف فغادروه ساقطًا ….
كالشاة يفرسها بنو سرحان
والمسلمون بشر حالٍ بينهم ….
من مسلمٍ عار ومن جيعان
ومنها:
ولقد دعوت الناس نحو إلههم ….
ونصحت في قولي بصدق لسان
وقسمت أموال الرعية بينها ….
ونعشتها من غشية الغرثان
ورددت ظالمها فعاد مثلَّما ….
ونويت من مظلومها الحيرانِ
ــــــــــــــــ
وقال عليه السلام من مجزوء الرَّمَل:
وَخَطَ الشيبُ لداتي ….
وأتى منه أتييُّ
ومضى بعض شبابي ….
ودنا منه العتيُ
ليس يرضى بالتواني الـ ….
واحد الفرد العليُّ
أرفع الراية يهوي ….
نحوها البر التقيُّ
أذق السيف الأعادي ….
طالما عز الغويُّ
انصر الرحمن تنصر ….
نصره دان بهي
إنَّ أعداء إلهي ….
أمرهم أمر دني
من أتى للحق طوعًا ….
فهو مرضي رضي
ليس يشقى حين يبـ ….
ـدو الحق إلاما شقي
ومنها:
لم يلدني ذو المعالي ….
الطاهر الطهر النبي
إن تلاقينا بقاع ….
فيه للوقع دوي
وتعاطينا ضرابًا ….
عنه ينحاز الكمي
وتساقينا بكأس ….
ماؤها حتف وحي
إن أنا لم يبد مني ….
ضرب كف علويُّ
ومحامات وصبر ….
وطعان حسنيُّ
حيث لا يطعن خلق ….
ومقامٌ فاطميُّ
ليس يبري داء قلبي ….
إنه داء دويُّ
دون أن يرضى إلاهي ….
ذو الجلال الأزليُّ
ومما قاله الإمام الهادي إلى الحق عليه السلام من بحر الكامل:
الخيل تشهد لي وكل مثقَّف …. بالصبر والإبلاء والإقدامِ
حقًا ويشهد ذو الفقار بأنني …. أرويت حديه نجيع طغامِ
نهلًا وعلًا في المواقف كلها …. طلبًا بثأر الدين والإسلامِ
حتى تذكر ذو الفقار مواقفًا …. من ذي المعالي السيد القمقام
جدي علي ذي الفضائل والنهى …. سيف الإله وكاسر الأصنامِ
صنو الرسول وخير من وطأ الثرى …. بعد النبي إمام كل إمامِ
مما قاله الإمام الهادي إلى الحق المبين يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم عليهم أكرم التحيات والتسليم منقولًا من سيرته المخطوطة بلندن
قال عليه السلام في قصيدته البائية:
إذا المرء لم يجعل رضا الله ربِّه …. أمام رضاهُ خاب من كل جانبِ
وآب حسيرا قد تهتك ستره …. ولم ينجُ من مستفظعات النوائبِ
ومنها:
وما زلت أغزوهم بحسن بصيرة …. ومعرفة مني بحرب المحاربِ
وأغشيهم الأنصار في حومة الوغى …. يريقون بالبيض الرقاق القواضبِ
وكل جري القلب ليث مهاجر …. ضروب بنصل السيف في الحق راغبِ
أغاروا مِنَ افاق البلاد لهجرة …. مقدسة يبغون خير المطالبِ
فجاسوا ديار الناكثين بنية …. مقانب حرب عُبِّيت لمقانبِ
فأضحى كتاب الله يرضى بحكمه …. وقد كان مسخوطا بتلك الجوانبِ
وأوطأت من قد كان ضدًا معاندًا …. قليل التقى في العهد أكذب كاذبِ
وسرت إلى نجران في كل طالب …. لثأر كتاب الله أروع غاضبِ
جيوشا ليوثا حشوها الخيل والقنى …. وبيض تزيل الهام فوق المناكبِ
إلى قوله:
من العرب الأسد المداعيس بالقنا …. ومن عَجَمٍ جم طوال الشواربِ
ومن حي همدانٍ وخولان جحفل …. ومن غيرهم مثل الأسود الغواربِ
مراقيل نحو الضرب في ساحة الوغى …. إلى الموت أرقال الجمال المصاعبِ
يريدون وجه الله لا شيء غيره …. ويبغون ثأر المصطفى خير راكبِ
إلى قوله في بعض أعدائه:
فلا الجوف ينجيه ولا أرض شاكر …. ولا سهل سفيان ولا أرض ماربِ
إلى قوله:
سيعلم دجال وأحمق مذحج …. إذا التقت الأقران خُزْر الحواجبِ
ودارت كؤوس الموت بين حماتها …. وضاقت على الأبطال كل المذاهبِ
وطارت رؤوس ثم أيد وأرجلٌ …. وحل بأطراف القنا في الترائبِ
وقل اصطبار القوم حين تراكمت …. عليهم لعمري مفظعات المصائبِ
بأنا حماة الدين آل محمد …. ذوو الصبر إذ لا صبر وقت التقاربِ
وإنا نكب القِرن في حومة الوغى …. يمج نجيع الصدر عند المضاربِ
نذود عداة الحق عن دين أحمد …. ونمنعه من كل باغ وناصبِ
سأترك إن دارت رحى الحرب دارهم …. خلاءً لأذيال الصبا والجنائبِ
بحول إلهي لا بحولي وقوتي …. ونصر إله الناس رب المغاربِ
ومن أخرى له عليه السلام يصف القائم من أهل البيت عليهم السلام وهو المراد بهذا من بحر الطويل:
تحف به خيل يمانية لها …. على الهول إقدام ليوث طوالبُ
قروم أجابوا الله حين دعاهم …. بأيمانهم بيض حداد قواضبُ
فما زالت الأخبار تخبر أنهم …. سينصرنا منهم جيوش كتايبُ
وناديت همدانا وخولان كلهم …. ومذحج والأحلاف والله غالبُ
تذكرني أيامهم خير عصبة …. من الناس قد عفَّت عليها الجنايبُ
من اصحاب بدر والنضير وخيبر …. وأحدٍ لهم في الحق قِدما مناقبُ
فتعمل في الفجار كل مهند …. وترضي إلها سبحته الكواكبُ
ويظهر حكم الله بين عباده …. وتملأ بالعدل المنير الجوانبُ
وتذهب عورات وعري وعسرة …. كما يُذهب المَحْلَ المشتَّ السحائبُ
ويحيا كتاب الله بعد مماته …. ويحيا بنا شرق وتحيا مغاربُ
ومن أخرى له عليه السلام من بحر البسيط:
نام الخلي وعين الدين في تعب …. غطت عليها ولاة الجوْر بالحجبِ
والناس في غفلة عما أصيب به …. آل الرسول فكل غير مكتئبِ
حتى نهضت لدين الله محتسبا …. والله يعطي جزيلًا كل محتسبِ
إذ لا أرى ثائرًا لله ينصره …. ولا نكوفا لدين الله ذا غضبِ
كيف القرار وقد أضحت معالم ما …. سن الرسول كحد الصارم الجدبِ
أم كيف يرضى بسوم الخسف ذو كرم …. ممن له حسب قد صين بالأدبِ
بل أيها السفر يطوي الأرض منشمرًا …. نحو الحجاز على المهرية النجبِ
من سهل ريدة مبدأ سيره عجلًا …. ماضي العزيمة بالتقريب والخببِ
أبلغ بني الحسن الأخيار مأْلكَة …. من ناصح لهم ذي منطق ذربِ
تحننًا وحفاظًا ثابتًا أبدًا …. إذ أنتم عندنا في موضع القُطُبِ
من الرجا وحقوقًا حق واجبة …. وما بكم من قرابات ومن نسبِ
الستر شيمتنا إن زلة ظهرت …. من الصديق فعال السادة النجبِ
ومنها:
نقول هذا كتاب الله فاتبعوا …. آي الكتاب الذي ينجي من العطب
بني علي فلا تبدوا لفاقرة …. ولا تَحنّوا فليس الجد كاللعب
ولا تقيموا على هون وحقكم …. قد قام بالسمر في الآفاق والشهب
فقد سمعتم حبيبا في مقالته …. السيف أصدق أنباء من الكتب
نصبت نفسي لأمر الله محتسبا …. أرجو من الله أعلى ذروة الرتب
وسرت في حي همدان ويشفعها …. خولان أهل النُّهى في جحفل لَجِبِ
وحاشد وذوي الأحلاف قاطبة …. والصِّيد صيد ثقيف ساعة الغضبِ
حزب النبي وحزبي بعده فلهم …. حظان لم يُجمعا يوما لمكتسبِ
جزاهم الله عني كل صالحة …. وحاطهم من شقى الأغلال واللهبِ
ـــــــــــــــــ
ومن قصيدة أخرى له عليه السلام من بحر الوافر:
ألح العاذلون علي لما ….
رأوني في المواقف لا أحيدُ
إلى قوله عليه السلام:
دعوت الناس كلهم لحق ….
وأكثرهم عن التقوى يحيدُ
ومنها:
ولست بتارك للحق حتى ….
يطاع الواحد الفرد الودودُ
ونحكم بالكتاب بكل فج ….
ويرجع عن تعديه العنيدُ
ولست بخاشع يومًا لحرب ….
وإن خشعت لهيبتها الأسودُ
ولست بقائل ما دمت حيا ….
كما قد قال في الحرب الرقودُ
أخو الفسق الدوانيقي لما ….
تداخل قلبه الرعب الشديدُ
تفرقت الظباء على خداش ….
فما يدري خداشٌ ما يصيدُ
إلى قوله عليه السلام:
ومن يبغي مسالمتي فإني ….
لأهل الدين والتقوى مريدُ
وما مثلي يُفَزَّع بالمنايا ….
وما مثلي يتعتعه الوعيدُ
ــــــــــــــــ
وقال عليه السلام في قصيدته الرائية إلى ولده الإمام المرتضى محمد بن الإمام الهادي وقد أسر في الحرب غدرا أسره آل طريف وحبس بصنعاء ببيت بوس وهي من بحر الطويل:
ألا أبلغا إبني وإن كان نائيًا ….
أخا الدين والتقوى وذا الفضل والبشرِ
وذا العرف والإحسان في كل حالة ….
ومن ذكره عال على كل ذي ذكرِ
ومن طاب مولودًا ومن طاب ناشئًا ….
ومن فضله قد شاع في البر والبحرِ
ومن لا يُرى منه لعمرك زلّة ….
ومن لم يزل طهرا على غاية الطهرِ
ومن لم يزل يعلو على المجد شامخًا ….
ومن هو أصل للمهابة والفخرِ
ومن هو أمار بكل فضيلة ….
ومن هو مفضال على العسر واليسرِ
ومن هو للأرحام أوصل واصل ….
ومن هو أصل في التعطف والبشرِ
إلى قوله:
ومن هو للإسلام ركن معاضد ….
ومن هو جاف للفسوق وللكفرِ
ومن هو حتف للعدو لدى الوغى ….
وسم قتول للأعادي ذوي الخترِ
ومن تعرف الأقران في الحرب فضله ….
إذا التقت الأبطال في معرك وَعْرِ
ودارت كؤوس الموت بين حماتها ….
وأولجت المُرّان في ثغر النحرِ
فحينئذ تلقى أبا القاسم الذي ….
له الفخر مقدامًا بها واسع الصدرِ
يمين يديه للمنايا ذريعة ….
ويسراهما غوث من الحرب والفقرِ
إلى قوله:
فقولا له يُقْري عليك مكررًا ….
أبوك سلامًا دائمًا عدد القطرِ
ويشكو إليك الله يعلم وحشة ….
لها حرق باد إلى القلب والسَّحْرِ
فيا رب عجل يا عزيز خلاصه ….
وجَمّل به أسري وشد به أزري
إذا اجتمع الأقوام حولي ولم أر ….
محمدا المفضال باح به سري
على أنني حزم جليد مُجَرّب ….
صبور على ما جاء من نوب الدهرِ
ولست بضجاج جزوع مفند ….
إذا أقبلت نحوي عرى محن تجري
ولكنني ألقي بأمره كله ….
على ثقة مني إلى خالق الصخر
وأعلم أن الله يكشف كلما ….
يغم ويجلو فادح الهم والعسر
أبا قاسمٍ تفديك نفسي من الردى ….
ومن كل ما سوء ومن كل ما شر
أبا قاسم تالله لو كنت قربكم ….
لدافعت عنك الناكثين ذوي الغدر
إلى قوله:
وما بلغوا منك الذي كان دون أن ….
أوسد في لحدي وأدفن في قبري
وجاهدتهم بالسيف والرمح معلنا ….
لعمرك أو آتي على آخر العذر
وإن كان في آبائك الشم أسوة ….
لمثلك يا ابن الطاهرين ذوي القدر
وهذا شعار الصالحين ذوي النهى ….
ذوي البر والتقوى السمادعة الغرِ
فقد نالهم بالطف قتل وشدة ….
ونالهمُ أمر يجل عن الأسرِ
وضرب له شأن من الشأن فادح ….
وطعن بأطراف المثقفة السمرِ
إلى قوله:
على أن أقاموا الحق لا شيء غيره ….
وقاموا لرب الناس بالفرض والنصرِ
وما ذاك من صُغْر بهم عند ربهم ….
ولكنه ذخر لهم أيما ذخرِ
فأخر عنهم نصره لكرامة ….
أراد بها إكمال ما شاء من أجرِ
وأملى لأهل الفسق في ثار أحمد ….
ليأخذهم يوم القيامة بالوزرِ
فويل بني الدنيا من الله إنه ….
سيصليهمُ نارا تلهب بالجمرِ
إلى قوله:
محمد المرضي فيها خصيمهم ….
ليأخذ منهم ماله كان من وتر
يقول لهم يوم المعاد محمد ….
قتلتم بني الزهراء سيدة الزهرِ
وسوقتموهم في الأسارى تعفرتًا ….
على الله رب البيت والركن والحجرِ
ولم توقنوا أني أخاصم عنهمُ ….
وأطلب ثاري منكم ساعة النشرِ
قتلتم بنيَّ الطاهرين ذوي التقى ….
وروعتم مني الحريم على الصغْر
ألم يك حقي واجبا في رقابكم ….
فترعوا حقوق الله في واجب الأمرِ
وترعوا حقوقي في بني وحرمتي ….
وتبغوا مني الوسيلة في الحشرِ
قتلتم بني الدنيا بَنيَّ وخنتمُ ….
عهودي وأبديتم لنا غاية الغدرِ
فذوقوا عذاب الله زال نعيمكم ….
وحل بكم لا شك قاصمة الظهرِ
إلى قوله عليه السلام:
فأوصيك بالتقوى وبالدين والهدى ….
وإيثار أمر الله في السر والجهرِ
وأن لا ترى للدهر يوما مطأطئا ….
ولا تخضعنْ للدهر والزم على الصبرِ
فيوشك أن تنفك منك علايق ….
بصبرك إن أخلصت لله في الشكرِ
عليك سلام الله ما ذر شارق ….
وما غردت ورقاء في سدف الفجرِ
وقال عليه السلام في قصيدته الصادية إلى أخيه العالم الحافظ عبدالله بن الحسين بن القاسم عليهم السلام وقد استنصره على أهل نجران لما غدروا به وشرعوا في حربه وهي من بحر الوافر:
ألايم إنما همي جوادي …. ورمحي والمفاض من الدلاصِ
ونعشي الدين بعد ثوى صريعًا …. وقسمي في البرية بالحصاصِ
وضربي كل جبار عنيد …. بأبيض مرهف فوق القصاصِ
ولم أبك على رَبع محيل …. ولم أرع النوادب باقتباصِ
ولكن النزاع إلى شقيقي …. وصنوي ذي الحفائظ في العراصِ
فقل لأبي محمد ذي الأيادي …. تأن فسوف يسعدك ارتباصي
سأشجي طالبيك بحد رمحي …. فلا يجدون عمرك من مناصِ
بنفسي ما اغتممت به ومالي …. أقيك بمهجتي عند الحياصِ
إذا رعُب الشجاع من العوالي …. وهمّ من المخافة بانتكاصِ
حملت وفي يميني مشرفي …. أقد به الطلى قَدَّ الفراص
أَخِلْ مني سحابة فاطمي …. يواصل رعدها لمع النشاصِ
إلى قوله عليه السلام:
أتتك الخيل معلمة عليها …. أسود يأْنفون من المعاصي
وفتيان إذا سمعوا صريخي …. أجابوا مغضبين من الصياصي
أولئك حاشد وبنو بكيل …. أولوا ضرب كأشداق القلاصي
وخولان الحماة وذو المساعي …. سيوفي المدركات لدى القصاصِ
وفي الأحلاف كل نهي وعز …. لدى الهيجاء غير ذوي مناصِ
أظنّ الناكثون بنقض عهدي …. وكانوا في الفجور من الحراصِ
بأني لم أشابه من علي …. خصال المكرمات لذي الخلاصِ
وأني لا يرام الضيم مني …. وأني المرتجى لذوي الخصاصِ
سأحكم بالقرآن على الأعادي …. وأدمغ من تطاول لانتكاصِ
أنا الحسني سيف الله حقا …. مذُاعٌ في الأداني والأقاصي
غضبت لخالقي وشَهرْتُ سيفي …. على أهل الدعارة والمعاصي
فأجابه أخوه عبدالله بن الحسين عليهم السلام بقصيدة منها:
سلوت عن المنازل والعراص …. وعن دار الأحبة والأقاصي
ومن بالفُرع من ولد ومال …. ومن بالروض منهم والصياصي
بإبن أبي ومن تفديه نفسي …. من الأسواء طرًا والمناصي
إمام للبرية أريحيٌّ …. بلا ظن أقول ولا اختراص
بطاعته فقد أصبحت أرجو …. من الرحمن ربي بالخلاص
إذا لمعت بوارقه بأرض …. أظل الموت فيها كالنشاصي
إلى قوله:
وترضى يا إمام العدل ضربي …. لهامات اللصوص بني الملاص
إلى قوله:
جفاني البيض والغيد السبايا …. إذا هُمْ لم يغصوا بانتقاصي
وأضرب كبشهم ضربا عنيفا …. يشيب لوقعه سود القصاص
وأغدي الخيل مضمرة عليهم …. ترى شعث المفارق والنواصي
عليها كل أزهر قاسمي …. يخيس القرْن منه باقتماص
فيعرفنا بنو حار بن كعب …. أسود الجيش ترفل في الدلاص
ومنها:
فإنا لا نجوز الحق فيهم …. ونرضى لا محالة بالقصاص
ــــــــــــــــ
المصدر: عُيُونُ المخْتَار من فنون الأشعار والآثار
للسيد العلامة المجتهد مجدالدين المؤيدي