رئيس الوزراء: البردوني ثروة كبيرة ينبغي التعمق في دراسة أعماله الشعرية والأدبية
بدأت بصنعاء اليوم فعاليات الندوة الثقافية والأدبية في الذكرى العشرين لرحيل الشاعر والمفكر والأديب الكبير عبدالله البردوني، نظمتها دائرة التوجيه المعنوي “صحيفة 26 سبتمبر”.
وفي الندوة التي حضرها عضو المجلس السياسي الاعلى أحمد الرهوي، أشار رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبدالعزيز صالح بن حبتور إلى أن الشعراء والأدباء والمثقفين هم الثروة الحقيقة للأمم ومن يخلدون بعطائهم الشعري والفلسفي والثقافي حضارة وتاريخ الشعوب.
ولفت إلى أن شخصية أسطورية مثل هيمروس خلد تاريخ اثينا والثقافة اليونانية والإغريقية في قصيدة ارتبط ذكرها باسمه تضم 24 ألف بيت شعري منذ أكثر من سبعة وعشرين قرنا من الزمان.
وبين الدكتور بن حبتور أن الشاعر والعالم اليمني محمد سالم البيحاني ألفً قصيدة شعرية من أربعة آلاف بيت .. مبينا أن البردوني والبيجاني وهليوس من عظماء الشعراء وثلاثتهم لم يبصروا وتمتعوا ببصيرة كانت أكبر بكثير من رؤية المبصرين للأحداث.
وقال” إن البردوني واسع الاطلاع وثري الثقافة وتمتع بالقدرة العالية في إدارة الحوارات والنقاشات التي جمعته مع أكبر أدباء وشعراء العرب ونحن نعتز كثيرا كيمنيين أن لدينا شاعرا بهذا المستوى “.
وأضاف “البردوني كان لليمن كله ولم يكن لديه الروح المناطقية أو الفئؤية أو الجهوية كان رجل بحجم الوطن العربي ويشار إليه بالبنان حينما كان يحضر الفعاليات الثقافية العربية الكبيرة التي أقيمت في عواصم التنوير العربي كبغداد والقاهرة ودمشق وبيروت وغيرها من العواصم وظل محل اعتزاز شعراء وأدباء ومثقفي الوطن العربي “.
وأردف” ينبغي أن يتم التعمق في قراءة شخصية البردوني وأبرزها إعلاميا والتعمق في إرثه السياسي والتاريخي والثقافي والفلسفي الذي نظمه في شعره وأيضا في كتبه بما في ذلك وهو يحدد موقفه الواضح من القضية الوطنية التي يمكن أن نتباين حولها في حدود الوطن “.
وذكر رئيس الوزراء أنه حينما يأتي معتدي من الخارج فمن الضروري أن يحدد الموقف بشكل واضح كما حدد البردوني موقفا واضحا من التدخلات الخارجية أو الاعتداءات واستثمار مظاهر التدين والتطرف وخلافه.
وأكد أن البردوني ثروة كبيرة من ثروات الوطن وينبغي باستمرار إبرازها والحديث عنها .. لافتا إلى أهمية إقامة مؤسسة بكاملها باسم البردوني تقديرا لعطائه الغزير فضلا عن تكريمه في الجامعات عبر حضوره في الأطاريح العلمية في الماجستير والدكتوراه حتى نحاجج بها فكريا أمام الآخرين.
ولفت في الوقت ذاته إلى أن اليمن زاخر بالشعراء والمثقفين الذين لا يستطيع الكثير منهم أن يطبع ديوانه أو كتابه أو بحثه .. موضحا أن وجود المؤسسة التي ترعى هذا الإبداع ضرورة ملحة ومسألة استثنائية ينبغي أن نوليها اهتماما بمسؤولية عالية.
وقال “نحن في اليمن نعاني من سلسلة طويلة من المشكلات إحداها عدم اهتمام ذوي الاختصاص بسبب الفقر الثقافي وهو ما يؤدي إلى انحسار الإهتمام بالمبدعين في حياتهم وبروزه بعد أن يرحلوا “.
وأضاف “ينبغي أن يكون الشعراء والأدباء والفلاسفة جزء من فلسفة الدولة وثقافتها العميقة ومحل اهتمامها ورعايتها لأنها الثروة الحقيقية للأمم ووجودها في ذاكرة التاريخ “.
ومضى قائلا ” نحيي التوجيه المعنوي على التقاط هذه المناسبة للاحتفاء بهذه الشخصية الوطنية وينبغي أن نشعر باعتزاز وفخر كبير أننا ننتمي إلى شعب منه البردوني وغيره من الآدباء الكبار الذي يزخر بهم التاريخ القديم والحديث”.
وأوضح رئيس الوزراء أنه رغم الظرف الذي يمر به الوطن بسبب العدوان والحصار لازالت عاصمة كل اليمن صنعاء تحتفي بالبردوني وغيره وتناقش وتقدم رؤية عميقة لبناء الدولة اليمنية الحديثة .. مرجعا ذلك إلى الذخيرة الانسانية والثقافية الموجودة لدى الشعب اليمني كغيره من الشعوب التي تحدث عنها الأدباء والمفكرين والفلاسفة.
واعتبر أن القوة ليس في المال بل في الارث الثقافي العميق لأي أمة من الأمم.
واختتم رئيس الوزراء كلمته بالتأكيد على أن المؤسسات الخاصة ينبغي أن تساند الأعمال الثقافية والأدبية كجزء من التزاماتها تجاه المجتمع .. مثمنا إسناد مجموعة الحباري لهذه الفعالية الثقافية الهامة.
وفي الندوة التي حضرها نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن اللواء الركن جلال الرويشان ومستشار الرئاسة الدكتور عبدالعزيز الترب وعدد من الوزراء وأعضاء مجلس الشورى والمثقفين والأدباء، أشار نائب مدير دائرة التوجيه المعنوي العميد عبدالله بن عامر إلى أن صحيفة 26 سبتمبر ستتبنى إصدارات جديدة تضم كافة أعمال الأديب والمفكر والشاعر الكبير البردوني التي كتبها في مجلة الجيش وصحيفتي 13 يونيو و26 سبتمبر.
وأوضح أن دائرة التوجيه المعنوي وصحيفة 26 سبتمبر ستتبنى أيضا تخصيص جائزة سنوية لأفضل خمسة أعمال أدبية بعد إقرارها من لجنة خاصة وفقا للمعايير المحددة تعنى بمجال الأدب وتمنح لأفضل خمسة أعمال وطنية وأدبية.
من جانبه أشار رجل الأعمال يحيى الحباري إلى ضرورة الاهتمام بالأدباء والشعراء باعتبارهم الثروة الحقيقة لليمن.
ولفت إلى الإرث والثروة الأدبية والثقافية والفكرية التي خلفها الشاعر والأديب عبدالله البردوني والتي تستحق الوقوف أمامها بكل عزة وشموخ باعتبارها ثروة ثقافية ينهل منها أبناء اليمن وأجياله القادمة معين الأدب والفكر والنضال الحر في سبيل مصالح الأمة والوطن.
عقب ذلك بدأت جلسات الندوة حيث ترأس الأولى محمد عبدالسلام منصور، قدمت خلالها ثلاثة أرواق عمل الأولى بعنوان البردوني مؤرخ المستقبل وحكيم اليمن المتجدد قدمها عضو المجلس السياسي الأعلى أحمد غالب الرهوي، أكد أهمية أن يكون يوم الـ30 من أغسطس من كل عام يوما للاحتفال بالبردوني انصافا لهذه الهامة الوطنية.
وحث الرهوي مؤسسات الدولة على القيام بدورها نحو تخليد ارث البردوني الانساني وترجمة الاعمال الادبية للبردوني إلى عدة لغات.
فيما أشارت ورقة العمل الثانية بعنوان البردوني ونبوءاته قدمها عبدالباري طاهر، إلى أن البردوني كشاعر وأديب ومفكر يمثل ضمير الشعر العربي ولم يمت وكان وفيا لوطنه وللإنسان وسيظل حيا في ضمائر كافة أبناء الوطن.
وتناولت ورقة العمل الثالثة التي قدمها عبدالله بن عامر مقاومة الغزاة في ثقافة وأدب البردوني، وتطرقت إلى الثقافة الثورية والتحررية في فكره وأدبه وكيف قاوم الغزاة من خلال كتاباته وشعره ونثره الذي كتبه عن تاريخ ونضالات أبناء اليمن عبر مختلف حقب التاريخ اليمني منذ ما قبل الإسلام.
ولفت بن عامر إلى أن البردوني كان أول من كتب عن دور الزامل الشعبي في اذكاء الروح المعنوية للمقاتلين وهم يواجهون ويتصدون للغزاة والمحتلين ولم يغفل الدور النضالي للمرأة اليمنية ضد المحتلين الاتراك والبريطانيين في جنوب الوطن.
تخلل الندوة التي أثريت بمداخلات من المشاركين، قصيدة للشاعر محمد عبدالسلام منصور بعنوان ” البردوني وأسئلة اليوم” لخص فيها ابداع البردوني وحياته وأدواره الوطنية في قالب أدبي إبداعي وصور جمالية، وفيلم وثائقي بعنوان “إنه البردوني”، حمل كثير من المعاني والدلالات الادبية في حياة وشعر وأدب عبدالله البردوني.
عقب ذلك قام رئيس الوزراء ونائب رئيس الوزراء ومعهما عدد من المسئولين والقادة العسكريين بافتتاح معرض الصور الخاص الذي أقامته صحيفة 26 سبتمبر بمناسبة الذكرى العشرين لرحيل الاديب والمفكر والشاعر الكبير عبدالله البردوني والذي يضم ثلاثين لوحة تحتوي على صور للبردوني تعرض لأول مرة.
هذا وستتواصل فعاليات الندوة يوم غد الثلاثاء بجلستي عمل ستقدم خلالهما ست أوراق عمل يقدمها نخبة من كبار الأدباء والمثقفين.