قوة المُتقي..
بقلم / أحمد يحيى الديلمي
الضجة الكبيرة التي أثارتها وسائل الإعلام المختلفة عقب العرض العسكري الكبير في مدينة الحديدة طرحت أكثر من سؤال وأظهرت حالات الهلع والخوف التي أصابت المعتدين ومن لف لفيفهم ، وعلى غرارها تعاقبت التحليلات الزائفة والأخبار الملفقة التي حملت الموضوع الكثير من الهواجس والمخاوف.
ما يهمُني هنا هي تلك الأسئلة التي توالت من زملاء صحفيين في دول الخليج مبعثها الإشفاق والتعاطف مع اليمن والخوف من ردود الأفعال، وهو ما يتطلب منا توضيح الكثير من الحقائق عن ما جرى لتفنيد الدعايات والمفاهيم الخاطئة التي تحولت إلى أسئلة حائرة لدى البعض من أصحاب النوايا الطيبة كما سمعتها من هؤلاء الزملاء والعاملين في دول الخليج وفي السعودية بشكل خاص ، حيث تشعبت بداخل كلٍ منهم الكثير من الهواجس والمخاوف والتوقعات ، لذلك أقول للزملاء الأعزاء كان الأحرى بكم أن تستمعوا إلى كلمات قائد الثورة ورئيس المجلس السياسي لتعرفوا أن القضية لا تخرج عن نطاق قوة المُتقي ، وأن العرض تم عقب مناسبة عظيمة تهم كل يمني ممثلة في إعادة هيكلة الجيش على أساس وطني سليم بعيداً عن الهيمنة والتدخلات الخارجية ، وهي مناسبة يعتز بها كل يمني خاصة أنه تم استيعاب كافة اللجان الشعبية في إطار هذا الجيش وأصبح بالفعل جيشاً وطنياً قوياً قادراً على حماية الوطن تنفيذاً لأهم هدف من أهداف ثورة سبتمبر الأولى الذي فُرِّغ من مضمونه بفعل التدخلات السعودية والبريطانية والأمريكية ووجود عمالات وخيانات داخلية سهلت لهذه القوى النفاذ إلى كل مفاصل الجيش وتفتيته بما في ذلك تدمير المخزون من الأسلحة المتطورة وهذه هي أولى مبررات الاحتفاء ، أما من الناحية العسكرية البحتة- وكما قال كبار المسؤولين في القيادة والدولة- فإن هذه القوات تمثل كما قُلنا دفاع المُتقي الباحث عن السلام القادر على توظيف القوة لاستقطاب السلام العادل والمتكافئ ، لا سلام الاستسلام والتبعية كما كان في الماضي.
إذاً العملية كما قلنا لا تخرج عن نطاق إعادة بناء الجيش واستكمال تدريب وتأهيل القيادات والأفراد لبناء قدراتهم الدفاعية الذاتية لأنها في الأساس تعتمد على الذات وما تنتجه العقول اليمنية من أسلحة ومعدات مقابل تلك الأسلحة المدمرة التي استقدمها الأعداء من كل دول العالم ، وأخلصت أمريكا وبريطانيا في إنتاجها وكأن الهدف إبادة الشعب اليمني ومحو آثاره من الوجود وهو هدف بعيد المنال كما أثبتت التجارب خلال الثمان السنوات الماضية .
وفي الوقت الذي أتوجه فيه بالشكر إلى هؤلاء الزملاء على مشاعرهم الطيبة تجاه اليمن ، لابد أن أوضح لهم حقيقة الهدنة المتعاقبة التي من المفترض أن تنتهي بداية الشهر القادم والتي اكتشف اليمنيون أن العالم يتعامل مع هذا النوع من الوساطات وما يترتب عليها من هدنة للتسلية وترويض الطرف الوطني المدافع عن عرضه وأرضه وكرامته ، فكما قلنا في موضوع سابق وكررها قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، بأنه يستحيل على الأعداء أن يحققوا أهدافهم غير المشروعة ، نحن في الأساس دعاة سلام لكن بشروطه التي تحفظ الاستقلال والسيادة على أرض الوطن وتضمن مغادرة آخر جندي محتل لكل شبر من أرض اليمن الطاهرة، ومن خلالكم أوجه رسالة إلى قادة الدول المعتدية وأقول عليكم أن تفهموا أن موضوع إعادة اليمن إلى بيت الطاعة وتحويلها إلى حديقة خلفية للنظام السعودي أصبح من سابع المستحيلات وأن هذه القوة هي بالفعل لتحقيق هذه الغاية وحماية الشعب اليمني من كل النزوات الخبيثة.
فنحن في اليمن نُراهن على الله سبحانه وتعالى وعلى قدرات أبناء شعبنا الأبطال سواءً في ميادين التصنيع العسكري بكل فروعه أو في جبهات القتال والبطولة ، الكل متفقون على أن اليمن لابد أن تظل مستقلة مالكة للإرادة والسيادة وقادرة على اتخاذ القرار كلما تطلب الأمر ذلك ، وهذا هو ما يغضب المعتدين وسبب إصرارهم على استمرار العدوان وإن جملوه ببعض المبادرات التي يأسنا منها ومن دورها خاصة في ظل الازدواجية التي تتعامل بها الأمم المتحدة والتي أظهرت التلكؤ والمماطلة في تنفيذ البنود التي تم الاتفاق عليها وعلى أساسها تم القبول بالهدنة ، مع ذلك يتم التعاطي معها بانتقاء غير مسؤول وبطريقة توحي لكل من يتابع ما يجري أن العملية ليست إلا من باب التسويف والضحك على الذقون ، وإلا ما الذي تحقق من هذه البنود سوى بعض رحلات الطيران اليتيمة إلى الأردن وإدخال عدد من السفن المحملة بالوقود ، وها هي كما يُقال حليمة تعود إلى عادتها القديمة ، فلقد عادت قوى العدوان ومرتزقتها إلى احتجاز سفن الوقود بهدف خلق أزمة في الداخل ومحاولة التأثير على الجبهة الداخلية غير مُدركين أن الوعي الذي أصبح يتحلى به كل مواطن يمني يجعله مستعد لتحمل أي ضغوط اقتصادية أو سياسية طالما أن الوطن سيتحرر ويستعيد سيادته واستقلاله ، فلقد ضقنا ذرعاً من تدخلات النظام السعودي ودوره في إثارة الفتن والحروب الداخلية ليظل في مأمن من المخاطر التي يتخيلها ويتوقع أنها ستأتي إليه من اليمن ، وهي أساليب قذرة بات كل يمني يُدرك أبعادها وخلفياتها ، وعلى استعداد لأن يتحمل المكاره ، وليظل النظام السعودي عامة في هذه الهواجس حتى يكتشف الحقيقة ويتضح لكل ذي عقل وبصيرة في هذا البلد مسلوب الإرادة من قبل أسرة تتحكم في كل شؤونه أن اليمنيين ليسوا إلا سنداً وقوة حامية للحرمين الشريفين على مدى عصور التاريخ وسيظلون كذلك إلى أن يبعث الله الأرض ومن عليها ، وهذا هو الأساس الذي يجب أن يترسخ في أذهان كل مواطن شريف من أبناء نجد والحجاز أو في دول الخليج الأخرى ، والله من وراء القصد ..