أمريكا عدوَّةُ الشعوب والسلام
سند الصيادي
في الوقت الذي كانت التحليلاتُ السياسيةُ تتوقَّعُ تغييراً إيجابياً في مسارِ السياسات الأممية تجاه اليمن، وفيما كانت التوقعاتُ الشعبيّة تتطلَّعُ نحو استشرافِ انفراجة إنسانية واقتصادية يلمسُ أثرَها المواطنُ وتنعكسُ على الأوضاع المتردية والسيئة التي خلفتها سنواتُ الحرب والحصار، تفاجئُنا الولاياتُ المتحدة الأمريكية ومن خلفها بريطانيا بموقفٍ صادمٍ ينهي كُـلَّ التوقعات والتطلعات، ويعزز حقيقةً لطالما ترسخت في ذهنية الشعوب، وشعبنا اليمني تحديداً، مفادُها أن أمريكا وبريطانيا وكل مكونات المنظومة الصهيونية العالمية عدوة الإنسانية الأولى وصانعة كُـلّ الأزمات والحروب.
من على مِنصَّة مجلس الأمن وعلى لسان هذا المجلس المُصادَر فيه مفهومُ الإنصاف والعدالة؛ نتيجةَ الخضوع الكلي للمصالح والاعتبارات الصهيوأمريكية، جاءت الإحاطةُ الأممية في عنوانها، الأمريكيةُ البريطانيةُ في مقاصدها وأهدافها، رافضةً بفجاجةٍ وَقُبحٍ الاستجابةَ لاستحقاقات الشعب اليمني، واصفةً تلك المطالِبَ المشروعة بكونها مطالبَ متطرفةً ومبالغاً فيها.
قد يتوارَدُ إلى ذهنِ المتابع وهو يشاهدُ ويستمعُ إلى تلك الإحاطة المخيبة للآمال أن صنعاءَ رفعت السقفَ وَصعَّبت الحلول، أَو اشترطت شروطاً تعجيزية أُخرى غير تلك المعلنة، لكن حين يكتشفُ حقيقةَ هذه المطالب وبكونها شعبيّةً إنسانيةً مِئة بالمِئة فحتماً سيصابُ بالذهول عن هذا الفجور في التوصيف الأممي لما تم طرحُه من مطالب، وسيتكشفُ أمامه حجمَ التموضُع الأمريكي البريطاني العدائي للشعب كُـلّ الشعب لا لصنعاء وحُكَّامها وَحسب.
حين تصبحُ مطالبُ رفع الحصار وفتح الميناء وفتح مطار صنعاء وصرف مرتبات الموظفين من ثروات اليمن النفطية والغازية، مبالغاً فيها وفقَ الرواية الأمريكية البريطانية، في الوقت الذي كان يفترَضُ أن تحيدَ عن الصراع وَأنْ لا تتم المساومةُ فيها سياسيًّا، فَـإنَّ الخياراتِ اليمنيةَ التي كانت مفتوحةً على السلام وَداعيةً إليه باتت اليومَ بفعل هذه المواقف ضيِّقةً وَتتضاءلُ وَتدفعُها هذه السلوكياتُ الأمريكيةُ إلى مربع الحرب من جديد.
والحقيقةُ أن هذه السلوكياتِ القديمةَ الجديدة للولايات المتحدة تبدأ من صافرةِ العدوان على اليمن، ومؤخّراً كشفتها ستةُ شهور من الهُــدن الهشة التي غاب فيها أثرُها الإنساني والاقتصادي على شعبنا، إذ كانت النزعةُ العدوانية الأمريكية وهيمنتها على قرار دول تحالف العدوان تحولُ دون تحقيق أي نجاح، أَو تشجع لأي تمديد أَو تهيئة للسلام الشامل.
هذا ما ترفُضُه واشنطن لليمن والمنطقة عُمُـومًا، وهذا ما يدفع شعبَنا أن يواصلَ معركته متسلحاً بالصبر وَالإيمَـان وعدالة القضية.