الهُــدنة والمُرتبات والضّربات اليمانيّة الحيدريّة
مطهر يحيى شرف الدين
كلما زاد إصرار تحالف العدوان وأدواته وعملائه في الداخل والخارج بالتلكؤ والمماطلة والتسويف وعدم الرغبة الحقيقية والجدية في صرف مرتبات الموظفين ومنتسبي الأمن والجيش كلما فاقم ذلك من الوضع الاقتصادي في اليمن على مستوى كُـلّ أسرة وساهم بشكلٍ مباشر في المعاناة الإنسانية وتجرع مرارة الجوع لدى الكثير من الأسر اليمنية الصابرة التي يعتمد أربابها الموظفون اعتماداً كليًّا في أسباب المعيشة على المرتب كونه الدخل الوحيد لدى عشرات الآلاف من منتسبي الجهاز الإداري والأمني والعسكري، وكما يعتبر المِلف الإنساني المتمثل في صرف المرتبات من أهم الالتزامات والمسؤوليات الإنسانية والأخلاقية التي يجب على دول تحالف العدوان وعملائهم في الدرجة الأولى تحملها وإيلائها أولوية وبادرة لإبداء حسن النية في تنفيذ بنود الهُــدنة فلا بدَّ إذَن أن تقوم الأمم المتحدة باتِّخاذ إجراءات عملية صارمة يتم من خلالها الضغط على حكومة ما يسمى بالمجلس الرئاسي العميل وتوجيهه بصرف المرتبات كونها حق إنساني بحت لا يمكن بأي حال من الأحوال التنازل عنها أَو المساومة أَو ربطها بالملف السياسي ولا سيَّما ونحن نرى نهباً عالميًّا منظماً لثروات ومقدرات الشعب اليمني وبإشرافٍ مباشر من دول العدوان الأعرابية الصهيوأمريكية أمام مرأى ومسمع من المنظمات الدولية والأنظمة العالمية.
وليس من أخلاقيات المواجهة والحروب أن يقوم طرف من أطراف الحرب باللجوء إلى أساليب لا يمكن أن يقال عنها إلا أنها أساليب رخيصة جِـدًّا وساقطة تعبر تعبيراً حقيقيًّا عن الانهزامية وعن الانكسار والتقهقر الذي مُني به العدوّ اللدود رأس الفتنة ومحور الشر في هذا العالم وأدواتهم وعملائهم من الأعراب الأشد كفراً وتطبيعاً وعمالةً لأعداء الله ورسوله والمؤمنين أعداء الدين وَالقيم والأخلاق وأعداء الإنسانية.
وليس هناك تفسيرٌ للتعنت والمماطلة وعدم الجدية في صرف المرتبات إلا أن الأعداء يعوضون عن انهزامهم وانكسارهم باللجوء إلى هذه الأساليب التي تكشف نفسياتهم الخبيثة ومواقفهم الحاقدة واللئيمة والتي تعكس نفسيات ومشاعر اليهود التي تنزعج بشكلٍ واضح حين ترى عودة الحياة الطبيعية للشعب اليمني في جوانبها الدينية والأمنية والعسكرية والحضارية المبنية على القيم والمبادئ والثوابت التي لا يمكن أن تتزحزح أَو تتبدل، ويتحقّق في هذا المقام قوله سبحانه: “مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ”.
ومن أصدق من الله حديثاً، فالأعداء التاريخيون للدين الإسلامي وللأُمَّـة وبلا شك لا يودون لنا الخير ولا يودون لنا أي رخاء أَو نماء أَو تطور، والأهم من ذلك ينزعجون من نعمة الهداية والاستقامة حين يروا أبناء اليمن وهم على إيمَـانهم الحقيقي تحَرّكاً وَارتباطاً وتوكلاً وثقةً مطلقةً بالله سبحانه وتمسكاً بالدين الإسلامي وتعلقاً بجوهر الهُــوِيَّة الإيمَـانية التي تبدأ من الإيمَـان بالله سبحانه وتنتهي بالمواجهة مع أعداء الله الذين يريدون أن نعيش حياةً مليئة بالذل والاستكانة والانكسار والتبعية لهم سياسيًّا واقتصاديًّا وحتى ثقافيًّا.
إن مما يبعث على القهر والألم في الجانب الإنساني ألَّا أدنى معايير أخلاقية تضبط مهام وأعمال المنظمات الدولية الإنسانية والحقوقية التي تتشدق وتتغنى منذ عدة عقود بالعهود والقرارات الدولية والأممية، وكم هي الوعود والالتزامات الإنسانية والحقوقية التي لم تفِ بها تلك المنظمات، يقول سبحانه وتعالى: “أَوَ كُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ”.
وقد أثبت الواقع وبرهنت التجارب أن لا قيمة إنسانية ولا أدنى اعتبار لمجتمعٍ وحقوقه وضرورياته على هذه الأرض إلا إذَا كان مُجَـرّداً من هُــوِيَّته وثوابته ومنحلاً عن قيمه ومبادئه وفطرته التي ترفض الجور والطغيان والنفاق العالمي، ونفترض افتراضاً لو كان المجتمع اليمني مجتمعاً منحطاً مبتذلاً يتماهى مع ثقافات الاستكبار الغربي ويتقبل سياسات الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي الرامية إلى تدجين الشعوب ومسخ هُــوِيَّته الإيمَـانية لكان الوضع مختلفاً منذ وقتٍ مبكرٍ من سنوات العدوان ولما شُن العدوان أصلاً من أَسَاسه، يقول سبحانه وتعالى: “أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آَتَيْنَا آَلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآَتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا”.
وإزاء اللّدد والفجور في خصومة الأعداء ما من حَـلّ لذاك إلا بضربات يمانيةٍ حيدرية على المواقع الحيوية للأعداء تزيد من انكسارهم وتمرغ ما تبقى من استكبارهم ليعودوا ويستجيبوا أذلاء مهطعين.
لا تسقني ماء الحياة بذلةٍ.. بل واسقني بالعز كأس الحنظلِ.