حسين العصر.. للعظمة حكاية
عبدالفتاح البنوس
الرجال العظماء يخلدهم التاريخ في أنصع صفحاته، ولعظيم ما سطروه في حياتهم من مواقف بطولية خالدة، ورقي وأثر ومكانة وقيمة ما خلفوه من إرث ثقافي ومعرفي وفكري، يظلون محط تقدير واحترام الأجيال المتعاقبة، ومن أولئك العظماء في عصرنا الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- مؤسس المسيرة القرآنية، العالم الفذ والباحث الحصيف والسياسي المستنير صاحب الوعي القرآني والثقافة القرآنية التي تمكنت بفضل الله وعونه وتأييده من الوصول إلى كل بقاع العالم بعد أن أراد الأعداء القضاء عليها ووأدها في مهدها وإطفاء وهجها ومحو أثرها من خلال سلسلة الحروب الست التي شنّت على محافظة صعدة نزولا عند رغبة الأمريكي وخادمه السعودي وخدمة لطفله المدلل الإسرائيلي .
نعم أراد الأعداء أن يطفئوا وهج المسيرة القرآنية من خلال استهدافهم للشهيد القائد حليف القرآن السيد حسين بدرالدين الحوثي هناك أعلى جبال مران قبل ما يقارب العشرين عاما، عندما تجمع الأعداء وصبوا جام حقدهم وإجرامهم وتوحشهم صوب الشهيد القائد بعد أن خرج من جرف سلمان جريحا ليفتدي بروحه الطاهرة رفاقه وأهل بيته من كانوا معه في الجرف، في واحدة من أبشع وأقذع جرائم العصر، قبل عشرين عاماً تجلى الصلف الأموي اليزيدي بحق آل بيت رسول الله، في الحقد الإجرامي لنظام الهالك عفاش وأدواته القذرة وفي مقدمتهم السفاح علي محسن الأحمر ذراع السعودية العسكري في الداخل اليمني تجاه الشهيد القائد من خلال الإقدام على قتله بتلكم الطريقة المتوحشة، ليرتقي -رضوان الله عليه- شهيدا في مأساة جديدة تضاف إلى سلسلة مآسي آل بيت النبوة عليهم السلام .
عشرون عاما مضت على جريمة اغتيال حسين العصر، أرادوا بقتله قتل المسيرة القرآنية في مهدها، وظنوا أنهم بقتله قد حققوا مبتغاهم، ولكنهم تفاجأوا أنهم بفعلتهم الخسيسة وجريمتهم الكبرى فتحوا على أنفسهم أبواب جهنم، فالدماء الزكية الطاهرة للشهيد القائد التي سفكت ظلما وبغيا وعدوانا كانت بمثابة الوقود الصلب الذي أشعل براكين الغضب وشكل عنصر الإمداد والتموين للمسيرة القرآنية، التي شاء الله أن تخرج إلى العلن ومن جبال مران تمضي بكل ثقة وعزيمة وإصرار لتصل أنوارها إلى عموم أرجاء الوطن ومنه إلى كل بقاع العالم، حاملة في ثناياها ذلكم الفكر القرآني النير للشهيد القائد الذي شكل ثورة وعلامة فارقة في تاريخ الثقافة والفكر الإسلامي، وها هو صدى شعار البراءة يردد ويسمع بكل شموخ وعنفوان في كل الأرجاء بعد أن كان محاربا ممنوعا من قبل السلطة العميلة، التي أعلنت الحرب عليه تقربا للبيت الأبيض وطمعا في نيل رضا أمريكا وودها ودعمها .
إنها مشيئة الله التي خلَّدت اسم وإرث الشهيد القائد -رضوان الله عليه- وأعلت من ذكره حتى بعد استشهاده، وهانحن بعد عشرين عاما على تلكم الفاجعة نقف بكل إجلال وتقدير واحترام أمام هذا القائد الخالد في القلوب، الذي أعاد الأمة إلى القرآن وشدَّها نحوه وربطها به إذا ما أرادت العزة والكرامة والفلاح والرشاد والفوز بخير الدنيا ونعيم الآخرة تمر هذه الذكرى الأليمة، وهي ذات المشيئة التي أهلكت الطغاة وأسقطت عروش المجرمين المستبدين الذين اشتركوا في جريمة قتل الشهيد القائد، وباتوا اليوم عبرة للمعتبرين ومضرب المثل لكل الجبابرة المجرمين وأعوانهم الظالمين .
بالمختصر المفيد: يا لها من عظمة، ويا له من تكريم إلهي حظي به الشهيد القائد ومسيرته القرآنية، ويا له من تمكين وتأييد إلهي للمستضعفين من عباده المؤمنين، علو في الحياة وفي الممات، ووالله لو علم الأعداء بأن قتلهم للشهيد القائد سيخلف هذا المد الهائل والطوفان الجارف لما أقدموا على ارتكاب جريمتهم، ولكنها مشيئة الله وإرادته، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون .
رحم الله الشهيد القائد وطيَّب الله ثراه وجعل الجنة سكناه، والخلود للشهداء والشفاء للجرحى والحرية للأسرى والنصر والتمكين لليمن واليمنيين ولا عدوان إلا على الظالمين والعاقبة للمتقين «وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون».
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وعاشق النبي يصلي عليه وآله .